الناس أمه واحده فاختلفوا وقوله تعالى تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى وكقوله تعالى الله ولى الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات ومما يدل على أن نوع العلماء من البشر مبائن لغيرهم (1) قوله تعالى ومن الناس والدواب والانعام مختلف ألوانه كذلك انما يخشى الله من عباده العلماء فالنفس ما دامت تكون بالقوة وفي أول الفطرة يمكن لها اكتساب أي مرتبه ومقام شائت لمكان استعدادها الأصلي قبل صيرورتها بالفعل شيئا من الأشياء المتحصلة وأما إذا صارت مصورة بصوره باطنية واستحكمت فعليتها ورسخت وقوى تمكنها في النفس فاستقرت النفس على تلك المرتبة تبطل عنها استعداد الانتقال من نقص إلى كمال وتطور من حال إلى حال فان هذا الرجوع إلى الفطرة الأولى من الفطرة الثانية ممتنع كما مر والعود إلى مرتبه التراب والهيولي مجرد تمنى امر مستحيل والمحال غير مقدور عليه حكمه عرشيه ان للنفس الانسانية نشأت ثلاثة إدراكية النشأة الأولى هي الصورة الحسية الطبيعية ومظهرها الحواس الخمس الظاهرة ويقال لها الدنيا لدنوها وقربها لتقدمها (2) على الأخيرتين وعالم الشهادة لكونها مشهودة بالحواس وشرورها وخيراتها معلومه لكل أحد لا يحتاج إلى البيان وفي هذه النشأة لا يخلو موجود عن حركته واستحالته ووجود صورتها لا تنفك عن وجود مادتها والنشأة (3) الثانية هي الأشباح والصور الغائبة عن هذه الحواس ومظهرها
(٢١)