تحت مشية الحق فما للحق شان الا مراقبة العبد ليوجد له جميع ما يريد ايجاده في هذه الحضرة في الدنيا وكذلك في الآخرة والعبد يتبع الحق في صوره (1) التجلي فما يتجلى الحق له في صوره الا انصبغ بها فهو يتحول في الصور لتحول الحق والحق يتحول في الايجاد لتحول مشية العبد في هذه الحضرة الخيالية في الدنيا خاصه وفي الآخرة في الجنة عموما ولنا خلق الله همما فعاله (2) في الوجود الحسى وهمما غير فعاله في الوجود الحسى ظهر بذلك التفاضل في جميع الأشياء حتى في الأسماء (3) الإلهية والهمم الفعالة قد تفعل في همم غير أصحابها وقد لا يفعل مثل انك لا تهدى من أحببت انتهى كلامه.
فتحقق وتبين من جميع ما ذكرناه ونقلناه ان الجنة الجسمانية عبارة عن الصور الادراكية القائمة بالنفس الخيالية مما تشتهيها النفس وتستلذها ولا مادة ولا مظهر لها الا النفس وكذا فاعلها وموجدها القريب وهو هي لا غير وان النفس الواحدة من النفوس الانسانية مع ما تتصوره وتدركه من الصور بمنزله عالم عظيم نفساني أعظم من هذا العالم الجسماني بما فيه وان كل ما يوجد فيها من الأشجار والأنهار والأبنية والغرفات كلها حية بحياة ذاتية وحياتها كلها حياه واحده هي حياه النفس التي تدركها وتوجدها وان أدركها للصور هو بعينه ايجادها لها لا انها أدركتها فأوجدتها أو أوجدتها فأدركتها كما في أفعال المختارين منا في هذا العالم حيث انا نتخيل شيئا ملائما كالحركة أو الكتابة أولا فنفعله ثانيا ثم نتخيله بعد ما فعلناه بل أدركتها موجودة وأوجدتها مدركه بلا تقدم وتأخر ولا مغايرة إذ الفعل والادراك هنا شئ واحد واما دار جهنم فهي ليست كذلك