بل طلب الرئاسة والجاه وارجاع الخلائق إلى فتاواهم وحكوماتهم ولأجل ذلك يضمرون النفاق ويعادون أهل الحكمة والمعرفة ومن أعظم الفتن والمصائب انهم مع هذه العقول الناقصة والآراء السخيفة يخاصمون ويعادون الحكماء والعرفاء أكثر من الخصومة والعداوة مع الكفار واليهود والنصارى ويعدون هذا من تقوية الدين وحفظ عقائد المسلمين وغاية تقويتهم للدين ان يقولوا ان الحكمة ضلال واضلال وان تعلمها بدعه ووبال وان علم النجوم باطل في أصله وان الكواكب جمادات وان الأفلاك لا حياه لها ولا نطق وان الطلب لا منفعه له وان الهندسة لا حقيقة لها وان علوم الطبيعيات أكثرها كفر وزندقة وأهلها ملاحدة وكفره إلى غير ذلك من مقالاتهم وهوساتهم المشحونة بالتدليس والتلبيس لمخالفه أكثرها لما في كتاب الله وسنه نبيه من تعظيم الحكمة وتوقير أهلها وتعظيم النجوم والسماء والأقسام في كثير من الآيات بها ومدح الناظرين المتفكرين في خلقها وذم المعرضين عن آياتها لقوله تعالى الذين يتفكرون في خلق السماوات الآية وقوله وكأين من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون فإذا جاؤوا إلى دفع مثل هذه المشكلات عن الدين وقعوا في العجز كالحمار في الوحل والطين ولنرجع إلى ما فارقناه كشف مقال لدفع اشكال ان أعضل شبه الجاحدين للمعاد الجسماني وأعظم اشكالات المنكرين للجنة والنار المحكوم بثبوتهما وتحققهما في الشريعة الحقه التي اتى بها أهل النبوة والحكمة المؤسسة على الأصول والمباني المحكمة المهمة هو طلب المكان لهما والتزام كونهما في جهة من الجهات الامتدادية الوضعية وفي زمان من الأزمنة المتصرمة واستيجاب كونهما داخل حجب السماوات وتحت حيطة محدد الجهات وعرش المتماديات.
فالجواب كما يستعلم من الأصول المؤسسة عن أصل هذه الشبهة وقلع مادتها وفسخ صورتها هو ان يقال على منهج أبحاث المتألهين وطريقه أنظار السالكين إلى الله باقدام المعرفة واليقين ان حجتكم هذه مبنية على أن للجنة والنار مكانا من جنس أمكنه هذه الدنيا لكن أصل اثبات المكان على هذا الوجه للجنة والنار باطل فالشبهة منهدمة الأساس منحسمة الأصل ومما يوضح ذلك حسب ما مضت الإشارة إليه ان عالم