ان المادة لا تتهيأ ولا تستعد لفيضان صوره الا عند تلبسه بصوره سابقه مقومه لها هي المعدة لللاحقة وتلك الصورة السابقة أقرب الأشياء إلى الصورة اللاحقة فالمادة المستعدة للنفس لا تستعدها الا بعد استيفائها جميع المراتب الصورية التي تحتها بالقابلية والاستعداد وهذا شئ مطابق للبرهان معتضد بالتجربة والوجدان فعلى هذا كان تحقيق البعث والحشر للأبدان أصعب واشكل فباب الوصول إلى معرفه المعاد الجسماني مسدود الا على من سلك منهجنا وذهب في طريقتنا وهو طريق أهل الله والراسخين في العلم والايمان الجامعين بين الكشف والبرهان المقتبسين نور الحكمة من مشكاة النبوة والله ذو الفضل العظيم ومنها ان الإعادة لا لغرض عبث وجزاف لا يليق بالحكيم والغرض إن كان عائدا إليه كان نقصا له فيجب تنزيهه عنه وإن كان عائدا إلى العبد لزم العجز وخلاف الحكمة والعدالة فان ذلك الغرض إن كان ايصال ألم فهو غير لائق بالحكيم العادل فكيف عن خالق الحكمة والعدل وإن كان ايصال لذه فاللذات سيما الحسيات دفع آلام فان اكل الطعام وإن كان حسنا لذيذا لا يلتذ به من كان ممتلئا شبعا وانما يستلذه الجائع وكذا سائر اللذات الحسية فان (1) العلماء والأطباء بينوا وقرروا انها دفع الآلام فلزم انه تعالى يؤلم العبد أولا حتى يوصل إليه لذه حسية وذلك أيضا لا يليق بالحكيم العادل وكيف يليق به ان يؤلم أولا أحدا ليدفع عنه هذا ومن ذا الذي يريد احسانا بأحد فيقطع بعض أعضائه ويجرحه ثم يضع عليه المراهم ليلتذ بها
(٢١١)