بالمالك فيكون له بإزاء كل درجه من درجات أهل الحق دركه في الجحيم فله بإزاء درجه التوكل دركه الخذلان كما في قوله تعالى وان يخذلكم الله فمن ذا الذي ينصركم من بعده وبإزاء درجه التسليم دركه الهوان قوله تعالى ومن يهن الله فما له من مكرم وبإزاء درجه القرب والوصلة دركه الطرد واللعنة أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون وكما أن انتفاء القدرة والعلم والوجود في الطائفة الأولى أوجب لهم القدرة الغير المتناهية والعلم الذاتي اللدني والوجود المخلد الأبدي كذلك في هذه الطائفة اقتضى استبدادهم بهذه الصفات عجزا غير متناه وجهلا كليا وهلاكا سرمديا وذلك هو الخزي العظيم فصل (33) في شجره طوبى وشجره زقوم قال تعالى طوبى لهم وحسن مآب وقال إن شجره الزقوم طعام الأثيم أي شجره منها طعام الآثمين انها شجره تخرج في أصل الجحيم يعنى الطبيعة الدنيوية طلعها كأنه رؤوس الشياطين والطلع عبارة عن مبدء وجود الأشجار ومنشأ حصول الأثمار وبروزها عن الأكمام والمراد منه هاهنا مبدء الاعتقادات الباطلة والأخلاق السيئة وهي رؤساء الصفات الشيطانية التي كل منها إذا رسخت في النفس وقويت صارت صوره جوهرية شيطانية كما علمت من صيرورة الصفات الغالبة في النفس صورا جوهرية نفسانية من جنس تلك الصفات فتلك الصفات التي هي مبادئ تكون الشياطين هي الأهوية المغوية والأماني المردية والشهوات المذمومة لأنها مما يتغذى بها ويتقوى نفوس أهل الضلال ويمتلئ بها بواطنهم ويكون منها نار الجحيم والعذاب الأليم كما قال سبحانه ثم انكم أيها الضالون المكذبون لآكلون من شجر من زقوم فمالئون منها البطون أي يملأون بطونهم أي نفوسهم من الشهوات المذمومة ومواد الأمراض النفسانية الباعثة لفنون من العذاب وأنواع من المحن والآلام في الآخرة كمن أدى به نهمه من الحمى والصداع وغيره من الأوجاع والآلام.
(٣٧٧)