الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٥ - الصفحة ٢٩٠
ربك حتما مقضيا قال والصراط في وجه آخر اسم حجج الله (1) فمن عرفهم في الدنيا وأطاعهم أعطاه الله جوازا على الصراط الذي هو جسر جهنم يوم القيامة وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعلى ع يا علي إذا كان يوم القيامة اقعد انا وأنت وجبرئيل على الصراط ولا يجوز على الصراط الا من كانت معه براءة بولايتك انتهى.
أقول ومن العجب كون الصراط والمار عليه والمسافة (2) والمتحرك فيه شيئا واحدا وهذا هكذا في طريق الآخرة التي تسلكها النفس الانسانية فان المسافر إلى الله أعني النفس تسافر في ذاتها وتقطع المنازل والمقامات الواقعة في ذاتها بذاتها ففي كل خطوه تضع قدمها على رأسها (3) بل رأسها على قدمها وهذا امر عجيب ولكن ليس بعجيب عند التحقيق والعرفان فصل في نشر الصحائف وابراز الكتب ان القول والفعل ما دام وجودهما في أكوان الحركات ومواد المكونات فلا حظ لها من البقاء والثبات ولكن من فعل فعلا أو تكلم بقول يظهر منه اثر في نفسه وحاله قلبية تبقى زمانا وإذا تكررت الأفاعيل والأقاويل استحكمت الآثار في النفس وصارت الأحوال ملكات إذ الفرق بين الملكة والحال بالشدة والضعف والاشتداد في الكيفية يؤدى إلى

(1) وفي الزيارة المأثورة عنهم ع فيهم وأنتم السبيل الأعظم والصراط الأقوم س ره (2) هما عبارة أخرى لما قبلهما ثم يزيد في العجب كونه ما منه حركه وما إليه وبالجملة الأربعة واحده كما لا يخفى على أولى النهى س ره (3) إشارة إلى دورية حركه وأيضا العلم ملازم للعمل والعمل ملازم للعلم فمعنى وضع القدم على الرأس انها تعمل على مقتضى نور معرفتها التي هي بمنزله رأسها ومعنى وضع الرأس على القدم انها تبنى معرفتها على نتيجة علمها الذي كان بناؤه على المعرفة السابقة حتى تقطع المنازل إلى الله تعالى س ره
(٢٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 295 ... » »»
الفهرست