مستحيلة زائلة داثرة كائنة فاسدة منشأ العذاب الأليم والحجاب العظيم وتؤدى بالانسان إلى الهاوية ويحترق بنار الجحيم فكل نفس تتبع الهوى ويسخرها الشهوة ويستخدمها الشيطان ويستعبدها كما قال تعالى أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فتصير من أهل النار إذ قد صار كل من مشاعره السبعة سببا من أسباب بعده من الله وملكوته وبابا من أبواب طاعته للهوى وانقياده للشهوة وعدوله عن طريق الهدى وسنن الحق ووقوعه في المهوى فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون ويكون حاله وماله كما أفصح الله عنه بقوله تعالى واما من طغى وآثر الحياة الدنيا فان الجحيم هي المأوى فظهر ان كل مشعر من هذه المشاعر باب من أبواب الجحيم لها سبعه أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم وأما إذا تنور القلب بنور المعرفة والايمان وخرج من القوة إلى الفعل بالرياضة والعبادة والطهارة عن وسخ المعاصي ودرن الشهوات كالحديد إذا أذيب بالنار وذهب بها درنه وخبثه واتخذت منه مرآته مصيقلة صار كعين صحيحه استنارت بنور الملكوت الاعلى فيطالع بكل مشعر من مشاعره آية من آيات ربه الكبرى وبابا من أبواب معرفه ربه الاعلى فينتزع من صورها المحسوسة الجزئية معاني معقولة كليه ويفهم منه أسرارا إلهية يقف عليها ويدخل جنه المقربين ويستعد بها للسعادة القصوى ومجاورة الرحمان في مقعد صدق عند مليك مقتدر وهذا بخلاف حال أهل الهوى والجهالة المشتغلين بشهوات الدنيا المعرضين عن الآخرة وعن سماع آيات الله مصرين مستكبرين كما قال تعالى يسمع آيات الله ثم يصر مستكبرا كان في اذنيه وقرا فبشره بعذاب اليم فغلقت عليهم الأبواب وسددت عليهم الطرق الا طريق جهنم خالدين فيها قال سبحانه في حقهم وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون إشارة إلى أن ليس لهم درجه قوه نظريه تنفتح بابها لادراك العلوم الإلهية ليكونوا من أهل القرب والمنزلة عند الله ولا أيضا لهم قلب سليم واذن واعية لها باب مفتوح إلى تلقى السمعيات والمواعظ والخطابات ليكونوا من أهل السلامة من عذاب الآخرة فلا جرم حالهم في الآخرة كما اعترفوا به حين لم ينفعهم الاعتراف قالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير فاعترفوا
(٣٣٣)