وان صارت في حياتها الدنيوية أبخس مما كانت وأشقى لكنها مع (1) ذلك زالت عنها القوة والامكان وبطل عنها الاستعداد وبلغت حد الكمال في الشقاوة.
ومنها ان الفسقة والجهال ربما قلت شواغلهم الحسية لنوم أو مرض كما للممرورين فيطلع نفوسهم أمورا غيبية وذلك لاتصالها بعالم القدس فلما جاز للأشقياء بمفارقة البدن أدنى مفارقه الاتصال بالمبادئ والاستسعاد (2) بها حين اقترافها بالمعاصي والشهوات فعند فساد البدن وانقطاعها بالكلية عن شواغله وعدم اشتغالها بشئ من أفعاله الطبيعية والحسية كان ذلك الاتصال أولى فأين يتحقق الشقاوة والنكال والعقوبات التي توعد عليها في لسان الشرائع الحقه والنبوات فلا محاله ينبغي ان لا ينقطع علاقة الأشقياء والعصاة عن الأجرام لحصول العقاب بسبب اقتراف الخطيئات فلا بد ان تنتقل نفوس العصاة والمذنبين إلى شئ من الحيوانات المعذبة في الدنيا على حسب أخلاقهم وعادتهم المناسبة لذلك الحيوان لتبقى معذبة جزاء لاعمالهم.
الجواب لا نسلم ان نفوس الأشقياء تتصل عند قلة شواغلهم البدنية بالمبادئ العالية بل غاية ما يصل إليه نفوس الممرورين والنائمين وما يجرى مجراهم من الكهنة والمجانين بعض البرازخ المتوسطة بين هذا العالم وعالم القدس ولا نسلم أيضا انه إذا جاز اتصال نفوس الأشقياء في هذه النشأة بذلك العالم لقلة الشواغل وتعطل الحواس