وعلة مادية للنوع وقد علمت غير مره ان النفس ما دامت تكون ضعيفه الجوهر خسيسه الوجود تحتاج إلى مقارنه البدن الطبيعي كسائر الصور والاعراض فإذا كان الامر بينهما على هذا النحو كان التلازم في الوجود والمعية الذاتية بينهما على الوجه الذي تقدم ذكره في مبحث تلازم الهيولى ثابتا لا محاله فكان زوال كل منهما يوجب زوال الاخر ولكن لما كان للنفوس البشرية نحو آخر من الوجود غير الوجود التعلقي الانفعالي الطبيعي سواءا كان عقليا محضا أو غيره ففسادها من حيث كونها نفسا أو صوره آخر طبيعية لا يوجب فساد ذاتها مطلقا لان ذاتها قد تحصلت بوجود مفارقي وذلك الوجود يستحيل تعلقه بمادة بدنية بعد انقطاعها فقد ثبت وتحقق ان انتقال نفس عن بدن إلى بدن آخر مستحيل وهذا برهان عام يبطل به جميع اقسام التناسخ سواءا كان من جهة النزول أو من جهة الصعود أو غير ذلك.
وستعلم الفرق بين التناسخ والمعاد الجسماني بوجه مشرقي وكذا بينه وبين ما وقع في قوم موسى ع كما حكى الله تعالى عنه بقوله وجعل منهم القردة والخنازير فالتناسخ بمعنى انتقال النفس من بدن عنصري أو طبيعي إلى بدن آخر منفصل عن الأول محال سواءا كان في النزول انسانيا وهو النسخ أو حيوانيا وهو المسخ أو نباتيا وهو الفسخ أو جماديا وهو الرسخ أو في الصعود وهو بالعكس من الذي ذكرناه وإن كان إلى الجرم الفلكي كما ذهب إليه بعض العلماء وحكى الشيخ الرئيس عنه وصوب ما قاله في نفوس البله والمتوسطين من أنها تتعلق بعد انقطاعها بالموت الطبيعي عن هذا البدن إلى جرم فلكي.
واما تحول النفس من نشأة الطبيعة الدنيوية إلى النشأة الأخروية وصيرورتها بحسب ملكاتها وأحوالها مصورة بصوره أخروية حيوانية أو غيرها حسنه بهية نورية أو قبيحة ردية ظلمانية سبعية أو بهيمية متخالفة الأنواع حاصله من أعمالها وأفعالها الدنيوية الكاسبة لتلك الصورة والهيئات فليس ذلك مخالفا للتحقيق بل هو امر ثابت بالبرهان محقق عند أئمة الكشف والعيان مستفاد من أرباب الشرائع الحقه وسائر الأديان دلت عليه ظواهر