مشهورين أحدهما كل مولود يولد على الفطرة والاخر ان الله قد خلق الخلق في ظلمه ثم رش عليها من نوره الحديث واعلم يا حبيبي انه كما لا بد من ورودك إلى هذا العالم الحسى فلا بد لك في الخلاص عنه وعن علائقه من معرفه الأمور المحسوسة لان المهاجرة عنها انما يكون بالزهد فيها وهو لا يحصل الا بمعرفتها والعلم بدنائتها وخستها ولأن الدنيا والآخرة واقعتان تحت جنس المضاف من جهة الدنو والعلو والدنائة والشرف والأولوية والأخروية ومعرفة أحد المضافين يستلزم معرفه الاخر معا وكذا جهاله أحدهما مع جهاله الاخر فمن لم يعرف الدنيا وخستها لم يعرف الآخرة وشرفها ومن لم يعرف الآخرة وشرفها كيف اختارها واشتاق إليها ولهذا ولوجوه أخرى اعتنى الحكماء بالبحث عن الأجسام الطبيعية وأحوال المحسوسات لينتقلوا منها إلى ما وراء المحسوسات وما بعد الطبيعيات كما قال تعالى ولقد علمتم النشأة الأولى فلو لا تذكرون فصل (12) في تذكر ان الموت حق والبعث حق قد علمت من تضاعيف ما أسلفنا ذكره من أن لكل شئ جوهري حركه جبلية نحو الآخرة وتشوقا طبيعيا إلى عالم القدس والملكوت وله عباده (1) ذاتية تقربا
(٢٣٧)