ومنها ان الانسان إذا حصل له شعور بان غيره اطلع على أنه ارتكب فعلا قبيحا فإنه يتبع ذلك الشعور حاله انفعالية في نفسه يسمى بالخجالة.
ومنها انه قد ظن أن أمرا يحدث في المستقبل يضره فيعرض له الخوف أو ينفعه فيعرض له الرجاء ولا يكون للحيوانات الأخرى هاتان الحالتان الا بحسب الان في غالب الامر وما يتصل به والذي تفعله من استظهار ليس لأجل شعور بالزمان المستقبل وما يكون فيه بل ذلك أيضا بضرب من الالهام من الملك المدبر لنوعها كالذي يفعله النمل في نقل البر بالسرعة إلى جحرها منذره بالمطر فإنها اما ان يتخيل ان هناك مؤذ يكون أو مطر ينزل كما أن الحيوان يهرب عن الضد لما يتخيل ان ذا يضربه ويؤذيه أو ان يقع لها ضرب من الالهام وبالجملة ان الافعال الحكمية والعقلية انما تصدر من الانسان من جهة نفسه الشخصية ومن سائر الحيوانات من جهة عقلها النوعية تدبيرا كليا.
ومنها ما يتصل بما ذكر من أن الانسان له ان يروى في أمور مستقبله هل ينبغي ان يفعلها أو لا ينبغي فحينئذ يفعل وقتا ما حكمت به رويته وتدبيره ان يفعله ولا يفعل هذا وقتا آخر بحسب ما يقتضى رويته ان لا يفعله ما كان يصح ان يفعله في الوقت الأول وكذا العكس واما الحيوانات (1) الأخرى فليس لها ذلك وانما لها من الاعدادات ما يكون على ضرب واحد مطبوع فيها وافقت عاقبتها أو خالفت.
ومنها تذكر الأمور التي غابت عن الذهن فان سائر الحيوانات لا يقوى على ذلك أعني الاسترجاع والتدبر.
ومنها وهو أخص الخواص بالانسان تصور المعاني الكلية المجردة عن المادة كل التجريد كما مر بيانه في باب العقل والمعقول وغيره من المواضع والتوصل إلى معرفه المجهولات تصديقا وتصورا من المعلومات الحاضرة وأخص من هذا كله هو اتصال بعض