أحدها انه آله إذا نفخ فيها يظهر منها صوت عظيم وهي الاله المعروفة المستعملة بأمر السلطان علامه لبعث الجنود من البلد ونحو ذلك وظاهر انها وقعت في الآية على سبيل التشبيه ولهذا وقع في الحديث انه قرن من نور و النور لا يكون له صوت محسوس.
وثانيها ان المراد منه مجموع الصور والمعنى إذا نفخ في الصور أرواحها وهو قول الحسن وكان يقرا بفتح الواو وعن أبي رزين بالفتح والكسر قال وهو حجه لمن فسر الصور بجمع الصورة.
وثالثها ان النفخ في الصور استعاره (1) والمراد منه البعث والنشر قال والأول أولى للخبر.
أقول قد علمت أن المعنى الأول للآية لا يمكن حمله على الظاهر والخبر أيضا يدل على ذلك كما مر ثم قال وفي قوله تعالى ثم نفخ فيه أخرى دلالة على أنه ليس المراد نفخ الروح والاحياء لان ذلك لا يتكرر انتهى.
أقول النفخ من قبل الله تعالى لا يكون الا احياء وإفاضة للروح وانشاء للحياة لكن انشاء الحياة في نشأة (2) عاليه يلزمها الموت عن نشأة سافله فبالنفخة الأولى تموت الأجساد وتحيى الأرواح وبالنفخة الثانية تقوم الأرواح قياما بالحق لا بذواتها واعلم أن جميع المواد الكونية بصورها الطبيعية قابله للاستنارة بالأرواح كالفحم في استعداده للاشتعال من جهة نارية كامنة فيه فالصور البرزخية كامنة فيها كلها كمون الحرارة