يجب ان يحصل لها ذلك أيضا في الآخرة لجواز أن تكون نفوسهم هناك أشد اشتغالا عنه بما غشيهم من عظائم الأهوال والشدائد والدواهي التي لم يبق لهم التفات إلى شئ غيرها لأنهم المقيدون بالسلاسل والاغلال المحجوبون عن مشاهده عالم الأنوار كما أشير إلى أحوالهم في الكتاب الإلهي وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون كلا انهم عن ربهم لمحجوبون وقد حيل بينهم وبين ما يشتهون.
ومنها انهم تشبثوا بكلام الأوائل من الحكماء كأفلاطون ومن قبله من الأساطين وبإشارات الأنبياء المعصومين من الخطاء والكذب وبآيات الصحيفة الإلهية كقول القائل الحق كلما نضجت جودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب وقوله تعالى ولقد خلقنا الانسان في أحسن تقويم ثم رددناه أسفل السافلين وقوله تعالى ربنا أمتنا (1) اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروج من سبيل و قوله تعالى ربنا أخرجنا فان عدنا فانا ظالمون وقوله تعالى وقال اخسؤوا فيها ولا تكلمون.