فان قلت صيرورة الانسان بهيمة ناقصة لا يلزم ان يكون بحسب الحركة الذاتية بل ربما يكون قسرا واجبارا.
أقول هذا غير جائز بوجهين الأول ان مثل هذه الأشياء لا يكون دائميا ولا أكثريا كما بين في موضعه والذي ذهبوا (1) إليه من الانتقال النزولي انما يكون في أكثر افراد النفوس الانسانية وأهل الارتقاء الاستكمالية إلى الملكوت الاعلى قليل عندهم كما أن عدد المقربين الكاملين في العلم قليل عندنا أيضا.
والثاني ان هذه حركه (2) الوجودية الاستكمالية لا يصادمها ما دام وجود الموضوع قسر قاسر ولا اجبار ولا اتفاق الا القواطع التي يوجب العدم والهلاك والانقطاع وعند ذلك لم يبق للشئ حركه واستكمال غير ما حصل في مده الكون لا الانحطاط والنزول عما كان سابقا.
فان قلت فإذا كانت النفوس كلها مترقية متوجهه نحو الكمال الوجودي حتى الفسقة والجهال والأرذال فما وجه الشقاوة الأخروية.
أقول منشأ الشقاوة أيضا ضرب من الكمال لان النفس وان استقلت بضرب من الوجود لكن لما اعتادت في هذه النشأة بأفعال وأعمال قبيحة شهوية أو غضبية أو تمكنت فيه العقائد الفاسدة فعند خروجها عن الدنيا ورفع الغشاوة عن بصرها تتعذب بما يتبعها من سوء العادات والشوق إلى المشتهيات الخسيسة الدنياوية وبالاعتقادات