وقوله تعالى في حقه لا يموت فيها ولا يحيى أي لا يموت موت البهائم ونحوها ولا يحيى حياه العقلاء السعداء.
ومما استدل به صاحب الفتوحات المكية على انقطاع العذاب للمخلدين في النار قوله تعالى أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون وما ورد في الحديث النبوي من قوله صلى الله عليه وآله وسلم ولم يبق في النار الا الذين هم أهلها وذلك لان أشد العذاب على أحد مفارقه الموطن الذي الفه فلو فارق النار أهلها لتعذبوا باغترابهم عما أهلوا له وان الله قد خلقهم على نشأة تالف ذلك الموطن أقول هذا استدلال ضعيف مبنى على لفظ الأهل والأصحاب ويجوز استعمالهما في معنى آخر من المعاني النسبية كالمقارنة (1) والمجاورة والاستحقاق وغير ذلك ولا نسلم أيضا ان مفارقه الموطن أشد العذاب الا ان يراد به الموطن الطبيعي واثبات ذلك مشكل والأولى في الاستدلال على هذا المطلب ان يستدل بقوله تعالى ولقد ذرأنا لجهنم (2) كثيرا من الجن والإنس الآية فان المخلوق الذي غاية وجوده ان يدخل في جهنم بحسب الوضع الإلهي والقضاء الرباني لا بد ان يكون ذلك الدخول موافقا لطبعه وكمالا لوجوده إذ الغايات كما مر كمالات للوجودات وكمال الشئ الموافق له لا يكون عذابا في حقه وانما يكون عذابا في حق غيره ممن خلق للدرجات العالية.
وقال في الفتوحات فعمرت الداران أي دار النعيم ودار الجحيم وسبقت الرحمة الغضب ووسعت كل شئ حتى جهنم ومن فيها والله ارحم الراحمين وقد وجدنا في نفوسنا ممن جبل على الرحمة بحيث لو مكنه الله في خلقه لا زال صفه العذاب عن العالم والله قد أعطاه هذه الصفة ومعطى الكمال أحق به وصاحب هذه الصفة انا وأمثالي ونحن