فشرح الصدر غاية الحكمة العملية والنور غاية الحكمة النظرية فالحكيم الإلهي هو الجامع لهما وهو المؤمن الحقيقي بلسان الشريعة وذلك الفوز العظيم فصل (5) في كيفية حصول العقل الفعال في أنفسنا اعلم أن للعقل الفعال وجودا في نفسه ووجودا في أنفسنا فان كمال النفس وتمام وجودها وصورتها وغايتها هو وجود العقل الفعال لها واتصالها به واتحادها معه فان ما لا وصول (1) لشئ إليه بوجه الاتحاد لا يكون غاية لوجود ذلك الشئ فما هو غاية بالطبع لشئ في وقت فهو من شانه ان يصير صوره له في وقت آخر الا لمانع يقطع طريقه إلى الوصول وكانا قد أوضحنا تحقيق هذا الاتحاد في العلم الكلى عند بحثنا عن أحوال العقل والمعقول ايضاحا يكفي لأهل العرفان وأصحاب الذوق والوجدان وان لم يكن نافعا لأهل الجحود والطغيان فمن استشكل عليه ان شيئا واحدا كيف يكون فاعلا متقدما على وجود الشئ وغاية متأخرة عنه مترتبة عليه ترتبا ذاتيا بعد مراتب استكمالاته وترقياته في الوجود فعليه ان يرجع وينظر إلى ما حققناه ويسلك الطريق الذي سلكناه حيث عرفناه بقوة البرهان ونور الكشف والعيان ان المبدء الاعلى له الأولية والآخرية لأجل سعة وجوده المنبسط وقوه وحدته الجامعة وشده نوريته الساطعة وتمام هويته التي انبعث منها الهويات وعينه التي انبجست منها أعيان الوجودات فوجوده التام الذي هو فاعل الإنيات هو غايتها وكمالها فهو أصل شجره الوجود وثمرتها لان وحدته ليست كسائر الوحدات التي تحصل بتكررها الاعداد فلا ثاني لوحدته كما لا مثل لوجوده بل أحديته الصرفة جامعه للكثرات
(١٤٠)