انها أفعالها ولما كان الفعل والانفعال مقولتان مختلفتان لا اشتراك لهما في امر ذاتي فكذا اللذة الفعلية غير اللذة الانفعالية في الجنس والحد فلا مجانسه بينهما فلا يقاس إحداهما بالأخرى ففي الجنة جميع الملاذ النفسانية على وجه الكمال فللمشاعر الحسية كلها لذات على وجه أعلى وأتم وأشرف مبناها على ترك هذه اللذات الفانية التي إذا أمعن فيها ينقلب هناك بعينها آلام ومؤذيات فينبغي للانسان ان يلطف نفسه ويصفى جوهره ويزهد في الدنيا ويحصل هاهنا قوه ادراك الخيرات والشوق إلى نيل السعادات الباقيات حتى إذا خرج من القوة إلى الفعل وانتقل من النقص إلى الكمال وبرز من الأغشية والقشور والأجداث والقبور ويحصل له ما في الصدور وكان جميع ما يتمناه ويهواه حاضرا لديه ومتمثلا بين يديه بل ليس في القيامة للنفوس الا ما قصدته ونوته فإن كان مقصودها ومناها أمورا صحيحه حقه فازت بها فوزا عظيما وان كانت أمورا زائلة مستحيلة من باب المقاصد الدنيوية والمطالب الشهوية والغضبية والعقائد الوهمية الشيطانية فاتتها فانفسخت صورتها واضمحلت مادتها وبقيت الحسرة والندامة والغصة والعذاب الأليم لأجل الركون إليها والاعتياد بها وأنت تعلم أن الدنيا (1) وما فيها مضمحلة في جنبه الآخرة اضمحلال الجمد وذوبان الثلج عند طلوع
(٢١٣)