الباب الحادي عشر في المعاد الجسماني وما يرتبط به من أحوال الآخرة ومقاماتها وفيه فصول فصل (1) في ذكر أصول يحتاج إليها في اثبات هذا المقصد أو ينتفع بها فيه وهذه الأصول والمقدمات قد مر بيانها في هذا الكتاب مستقصى لكن الغرض استحضارها واجتماعها لئلا يذهل عنها ويقع اعمال الروية فيها وهي هذه.
الأصل الأول (1) ان الوجود في كل شئ هو الأصل في الموجودية والماهية تبع له وان حقيقة كل شئ هو نحو وجوده الخاص به دون ماهيته وشيئيته وليس الوجود كما زعمه أكثر المتأخرين انه من المعقولات الثانية والأمور الانتزاعية التي لا يحاذى بها امر في الخارج بل حق القول فيه ان يقال إنه من الهويات العينية التي لا يحاذيها امر ذهني ولا يمكن الإشارة إليها الا بصريح العرفان الشهودي.
الأصل الثاني ان تشخص كل شئ وما يتميز به هو عين وجوده الخاص وان الوجود والتشخص متحدان ذاتا متغايران مفهوما واسما واما المسمى عند القوم بالعوارض المشخصة فليست الا امارات ولوازم للهوية الشخصية الوجودية لا بأعيانها وأشخاصها بل على سبيل البدلية في عرض يكون لها من حد إلى حد فيتبدل كثير منها بل كلها والشخص هو هو بعينه.