ذاته كما مر مستقصى فهذه (1) وأمثالها من الزلات والقصورات انما نشأت من الذهول عن حقيقة الوجود واحكامها واحكام الهويات الوجودية وصرف الوقت في علوم غير ضرورية كاللغة ودقائق الحساب وفن ارثماطيقي وموسيقي وتفاصيل المعالجات في الطب وذكر الأدوية المفردة والمعاجين وأحوال الدرياقات والسموم والمراهم والمسهلات ومعالجة القروح والجراحات وغير ذلك من العلوم الجزوية التي خلق الله لكل منها اهلا وليس للرجل الإلهي ان يخوض في غمرتها ولهذا لما سئل سقراط عن سبب اعراضه عن العلوم التعليمية قال إني كنت مشتغلا بأشرف العلوم يعنى به العلم الإلهي وبالجملة رأس الامر وسنامه لمن أعطاه الله فطره صافيه وطبعا لطيفا وذكاءا شديدا وفهما ثاقبا واستعدادا بالغا ان لا يشتغل بأمور الدنيا وطلب الجاه والرفعة بل يكون معرضا عن الخلق طالبا للخلوة آنسا بالله آيسا عن غيره مع حضور القلب واجتماع الهمة وصرف الفكر في الأمور الإلهية بعد أن حصل له قبل ذلك شطر من العلوم الأدبية والمنطقية والطبيعية والخلقية مما لا بد فيه للسالكين إلى الله تعالى على طريق الاكتساب العلمي دون المجذوبين إليه تعالى في أول الأمر بجذبه ربانية توازي عمل الثقلين واما بدون أحد الامرين المذكورين فكيف يتيسر الوصول إلى مرتبه الكشف العلمي والشهود القلبي في المعارف الإلهية وأحوال المبدء والمعاد ومعرفة النفس ومقاماتها ومعارجها إلى الله تعالى مع الاشتغال بأمور الدنيا وعلائقها وحبائلها.
(١١٩)