تطغوا والانحراف عنه يوجب السقوط عن (1) الفطرة والهوى إلى دار الجحيم والهبوط في جهنم التي قيل لها هل امتلأت وتقول هل من مزيد ووصفه بأنه أدق من الشعر واحد من السيف لان كمال الانسان منوط باستعمال قوتيه اما القوة النظرية فلإصابة الحق ونور اليقين في سلوك الأنظار الدقيقة التي هي في الدقة واللطافة أدق من الشعر إذا تمثلت بكثير واما القوة العملية فبتعديل القوى الثلاث التي هي الشهوية والغضبية والفكرية في أعمالها لتحصل للنفس حالة اعتدالية متوسطة بين الأطراف غاية التوسط لان الأطراف كلها مذمومة يوجب السقوط في الجحيم ومنزل البعداء والأشقياء المردودين وقد علمت أن التوسط الحقيقي بين الأطراف المتضادة بمنزله الخلو عنها والخلو عن هذه الأطراف المسمى بالعدالة منشأ الخلاص عن الجحيم وهي أحد من السيف فاذن الصراط (2) له وجهان أحدهما أدق من الشعر والاخر أحد من السيف والانحراف عن الوجه الأول يوجب السقوط عن الفطرة ان الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لناكبون والوقوف على الوجه الثاني يوجب الشق والقطع كما قيل وقف عليه شقه واليه الإشارة بقوله تعالى اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا عن الآخرة وبقوله يسحبون في الحميم ووجه ذلك أن هذه العدالة ليست كمالا حقيقيا لان ذلك منحصر في (3) نور العلم وقوه الايمان والمعرفة بل هي امر عدمي وصفه نفسانية عدمية اعتدالية من جنس أطرافها والركون إليها والاعتماد عليها يوجب الاخلاد إلى الدنيا لأنها من الدنيا أيضا وحب الدنيا رأس كل خطيئة.
(٢٨٥)