الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٥ - الصفحة ٢٨٥
تطغوا والانحراف عنه يوجب السقوط عن (1) الفطرة والهوى إلى دار الجحيم والهبوط في جهنم التي قيل لها هل امتلأت وتقول هل من مزيد ووصفه بأنه أدق من الشعر واحد من السيف لان كمال الانسان منوط باستعمال قوتيه اما القوة النظرية فلإصابة الحق ونور اليقين في سلوك الأنظار الدقيقة التي هي في الدقة واللطافة أدق من الشعر إذا تمثلت بكثير واما القوة العملية فبتعديل القوى الثلاث التي هي الشهوية والغضبية والفكرية في أعمالها لتحصل للنفس حالة اعتدالية متوسطة بين الأطراف غاية التوسط لان الأطراف كلها مذمومة يوجب السقوط في الجحيم ومنزل البعداء والأشقياء المردودين وقد علمت أن التوسط الحقيقي بين الأطراف المتضادة بمنزله الخلو عنها والخلو عن هذه الأطراف المسمى بالعدالة منشأ الخلاص عن الجحيم وهي أحد من السيف فاذن الصراط (2) له وجهان أحدهما أدق من الشعر والاخر أحد من السيف والانحراف عن الوجه الأول يوجب السقوط عن الفطرة ان الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لناكبون والوقوف على الوجه الثاني يوجب الشق والقطع كما قيل وقف عليه شقه واليه الإشارة بقوله تعالى اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا عن الآخرة وبقوله يسحبون في الحميم ووجه ذلك أن هذه العدالة ليست كمالا حقيقيا لان ذلك منحصر في (3) نور العلم وقوه الايمان والمعرفة بل هي امر عدمي وصفه نفسانية عدمية اعتدالية من جنس أطرافها والركون إليها والاعتماد عليها يوجب الاخلاد إلى الدنيا لأنها من الدنيا أيضا وحب الدنيا رأس كل خطيئة.

(1) أي الفطرة الأصلية لأصل النوع وإن كان بدون الهوى إلى دار الجحيم بل مجرد القطع وعدم الوصول إلى غاية المقربين من أهل الله وانما قلنا ذلك ليندرج أصحاب اليمين فان الله تعالى ثلث عباده بقوله فاما إن كان من المقربين الآيات س ره (2) أي كطريق فيه جادتان إحداهما اصلاح العقل النظري والأخرى اصلاح العقل العملي فالأدقية للأول والأحدية للثاني س ره (3) يرشدك إلى هذه جعلهم الشهود آخر اعمال العقل العملي إذ المراتب هنا أربعة التجلية والتخلية والتحلية والفناء ويعبرون عن الفناء بان يرى كل علم مستهلكا في علمه وكل قدره مستهلكة في قدرته وهكذا في الباقي الصفات العليا بل كل وجود مستهلكا تحت وجوده فاخر العمل أيضا الشهود الذي هو كمال المعرفة س ره
(٢٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 280 281 282 283 284 285 286 287 288 289 290 ... » »»
الفهرست