والذي يؤيد ما ذكرناه من تبدل الأبدان ما ورد في صفه أهل الجنة انهم جرد مرد (1) أبناء ثلاثين سنه وان أول زمره يدخلون الجنة على صوره القمر ليله البدر ثم الذين يلونهم كأشد كوكب درى في السماء أضاء ه وفي صفه أهل النار ان ضرس الكافر يوم القيامة مثل (2) أحد وفخذه مثل البيضاء ومقعده من النار مسيره ثلاث مثل البريدة الربذة وفي رواية ان غلظ جلد الكافر اثنان وأربعون ذراعا وان مجلسه في جهنم ما بين مكة والمدينة وفي رواية أخرى ان الكافر يسحب لسانه الفرسخ والفرسخين يتوطأه الناس إلى غير ذلك من أوصاف الفريقين في الآخرة.
ومنها ان العالم الذي فيه الآفات والعاهات والعقوبات والشرور والآلام هو هذا العالم العنصري لما فيه من التضاد والتفاسد والتزاحم والأمور الاتفاقية والقسرية دون غيره من العوالم لأنه أكثفها وأكدرها وأظلمها فينبغي ان يكون هذا العالم جهنم الأشقياء والكفار والأشرار وجحيمهم هي نار الطبيعة التي قيل لها هل امتلأت فتقول هل من مزيد ودركاتها هي أبدان الحيوانات التي كلما أرادوا ان يخرجوا منها أعيدوا فيها لتراكم جهالاتهم ورداء ه أخلاقهم بخلاف السعداء الذين قال الله فيهم لا يذوقون فيها الموت الا الموتة الأولى ووقاهم عذاب الجحيم وذلك لاستحالة انتقال نفوسهم إلى الحيوانات المعذبة التي هي أبواب الجحيم ولكل باب منهم جزء مقسوم وذلك لغلبة الأخلاق المرضية والهيئات المحمودة لها وإذا لم تنتقل نفوسهم إلى الأبدان العنصرية الكائنة الفاسدة فلا يذوقون الا الموتة الأولى التي هي مفارقتهم عن الأبدان الانسانية.