بعده مثل ذلك فلا بد من حكم الرحمة على الجميع ويكفي من الشارع التعريف بقوله واما أهل النار الذين هم من أهلها ولم يقل من أهل العذاب ولا يلزم من كان من أهل النار الذين يعمرونها ان يكونوا معذبين بها فان أهلها وعمارها مالك وخزنتها وهم ملائكة وما فيها من الحشرات والحيات وغير ذلك من الحيوانات تبعث يوم القيامة ولا واحد منهم يكون النار عليهم عذابا كذلك من يبقى فيها لا يموتون فيها ولا يحيون وقد قام الدليل السمعي ان الله يقول يا عبادي (1) على وجه العموم وأضاف إلى نفسه وما أضاف قط إلى نفسه الا من سبقت له الرحمة فلا يؤبد لهم العذاب وان دخلوا النار وذلك أنه قال يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم اجتمعوا على اتقى قلب رجل منكم ما زاد ذلك على ملكي شيئا يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم اجتمعوا على أفجر قلب رجل منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئا يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد (2) واحد فسألوني فأعطيت كل واحد منكم مسألته ما نقص في ملكي شيئا الحديث ولا يشك انه ما من أحد الا وهو يكره ما يؤلمه طبعا فما من أحد الا وقد سال الله ان لا يؤلمه وان يعطيه اللذة في الأشياء والسؤال قد يكون قولا وقد يكون حالا كبكاء الصغير الرضيع وان لم يعقل عنده وجود الألم الحسى بالوجع أو الألم النفسي بمخالفه الغرض إذا منع من الثدي وقد اخذت المسألة حقها والأحوال التي ترد على قلوب الرجال لا تحصى كثره وقد أعطيناك منها في هذا الباب أنموذجا انتهى.
واعلم أن البرهان والكشف متطابقان على أن الفيض الوجودي (3) والقول الرباني والكلمة الوجودية نازل من الحق أحديا غير متفرق تفرقا خارجيا إلى الكرسي (4)