وعقاربها وحميمها وزقومها ومن لم يكن من أهل الكشف والبصيرة وبقى في عماء حجابه لا يدرك ذلك مثل الأعمى يكون في بستان فما هو غائب عنه بذاته ولكن لا يراه ولم يلزم من كونه لا يراه ان لا يكون فيه وكذلك أكثر أهل الجنة في الجنة الان ولكن لا يرونها وهم يتقلبون فيها وكذلك أصحاب النار في النار وقد أحاط بهم سرادقها وهم لا يشعرون كما نبه الله عليه بقوله ان جهنم لمحيطة بالكافرين وبقوله جنه عرضها كعرض السماء والأرض أعدت للذين آمنوا وبقوله في حديثه القدسي أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت الحديث وقد علمت أن جنه المؤمن أو جحيم الكافر ليست بأمر خارج عن نفسه فإذا كانت معدة اليوم كانت متصلة بها وإن كان هو في حجاب عنها لان الله قد يحول بين المرء وقلبه فكيف بينه وبين نعيم قلبه أو جحيمه ومن الناس من يستصحبه هذا الكشف ومنهم من لا يستصحبه وهو قد يكون ارفع حالا منه لحكمه أخفاها الله في خلقه فلأهل الله أعين يبصرون بها وآذان يسمعون بها وقلوب يعقلون بها وهي غير هذه الأعين والاذان والقلوب كما علمت آنفا وأهل الكفر والحجاب صم بكم عمى فهم لا يعقلون عن الله فهم لا يرجعون إلى الله فصل (27) في تتمه الاستبصار في بيان حقيقة أحوال الجنة والنار قد علمت أن النشأة الآخرة نشأة متوسطة بين المجردات العقلية وبين الجسمانيات المادية وكل ما فيها صور محسوسة مدركه بقوة نفسانية هي خيال في هذا العالم وحس في ذلك العالم والانسان إذا مات وتجرد عن هذا البدن الطبيعي قامت قيامته الصغرى وحشر أولا إلى عالم البرزخ ثم إلى الجنة والنار عند القيامة الكبرى والفرق بين الصور التي يراها ويكون عليها الانسان في البرزخ والتي يشاهدها ويكون عليها في الجنة والنار عند القيامة الكبرى انما يكون بالشدة والضعف والكمال والنقص إذ كل منها صور ادراكية جزئيه غير مادية الا انها مشهودة في عالم البرزخ بعين الخيال وفي عالم الجنان بعين الحس لكن عين الحس الأخروي ليس غير عين الخيال بخلاف
(٣٣٥)