فان قال قائل إن كان في العالم الاعلى نبات فكيف هي هناك وان كانت ثمة نار وارض فكيف هما هناك فإنه لا يخلو من أن يكونا اما حيين أو ميتين فان كانا ميتين مثل ما هاهنا فما الحاجة إليهما هناك وان كانا حيين فكيف يحييان هناك.
قلنا اما النبات فنقدر ان نقول إنه هناك حي لأنه هاهنا أيضا حي وذلك أن في النبات كلمه محموله على حياه وان كانت كلمه النبات الهيولاني حياه فهي اذن لا محاله نفس ما أيضا فأحرى ان يكون في النبات الذي في العالم الاعلى وهو النبات الأول الا انها فيه بنوع أعلى وأشرف انتهى كلامه واستفيد من كلامه في هذا الموضع وفي غيره من المواضع ان لهذا النبات الطبيعي صورتان آخرتان إحداهما موجودة في عالم النفوس أعني الصور المحسوسة بلا مادة والأخرى وهي المراد بالنبات الأول وسننقل من كلامه ما يدل على أن لهذه الأرض والماء وغيرهما من الصور الطبيعية كلمات نفسانية فقد ثبت وتحقق ان لصور هذه الأجسام الميتة هاهنا المقبورة في مقبرة الهيولى بعثا وحشرا في عالم وعودا إلى النشأة الثانية ومنها إلى معاد النفوس وسنزيدك لهذا ايضاحا.
الدعوى الخامسة في حشر الجماد والعناصر يجب عليك أيها الحبيب الراغب إلى ادراك هذه الغوامض وكشف هذه الخبايا القاصرة عن دركها أذهان أكثر الحكماء والكبار فضلا عن سائر النظار فكيف من دونهم من اسراء الوهم ان تستحضر في ذهنك القواعد الوجودية التي أكثرنا ذكرها في هذا الكتاب الذي فيه قره أعين أولى الألباب فتذكر أولا ان للوجود في ذاته حقيقة واحده بسيطه لا اختلاف فيها الا بالتقدم والتأخر والكمال والنقص وهي مع صفاتها (1) الكمالية التي هي عين ذاتها من العلم والقدرة والإرادة وغيرها موجودة في كل شئ بحسبه فهي في الذات الأحدية الإلهية مقدسة عن شوب العدم