انه بقي ما أودع الله عليهم في الأفلاك وحركات الكواكب من الامر الإلهي وتغير منه على قدر ما تغير من صور الأفلاك بالتبديل ومن صور الكواكب بالطمس والانتشار فاختلف حكمها بزيادة ونقص وغير ذلك.
وقال في الباب الستين في معرفه جهنم اعلم عصمنا الله وإياك ان جهنم من أعظم المخلوقات وهي سجن الله في الآخرة وسميت جهنم لبعد قعرها يقال بئر جهنام إذا كانت بعيده القعر وهي تحوي على حرور وزمهرير ففيها البرد على أقصى درجاته والحرور على أقصى درجاته وبين أعلاها وقعرها خمس وسبعون مأة من السنين واختلف الناس فيها هل خلقت بعد أو لم تخلق والخلاف مشهور فيها وكذلك اختلفوا في الجنة واما عندنا وعند أصحابنا أهل الكشف والتعريف فهما مخلوقتان غير مخلوقتين واما قولنا مخلوقتان فكرجل يبنى دارا فأقام حيطانها كلها الحاوية عليها خاصه فيقال هي دار فإذا دخلتها لم تر الا سورا دائرا على فضاء وساحة ثم بعد ذلك ينشئ بيوتها على اغراض الساكنين فيها من بيوت وغرف وسرادق ومسالك ومخازن وما ينبغي ان يكون فيها وهي دار حرورها هواء محرق لا جمر لها سوى بني آدم والأحجار المتخذة آلهة والجن لهبها قال تعالى وقودها الناس والحجارة وقال إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم وقال فكبكبوا فيها هم والغاوون وجنود إبليس أجمعون وتحدث فيها الآلات بحدوث اعمال الجن والإنس الذين يدخلونها وقد خلقها الله تعالى من صفه الغضب وجميع ما يخلق فيها من الآلام والمحن التي يجدها الداخلون فيها فمن صفه الغضب الإلهي ولا يكون ذلك الا عند دخول الخلق فيها من الجن والإنس متى دخلوها وأما إذا لم يكن فيها أحد من أهلها فلا ألم في نفسها ولا في نفس ملائكتها بل هي ومن فيها من زبانيتها في رحمه الله منغمسون ملتذون يسبحون لا يفترون لقول الله تعالى ولا تطغوا فيه فيحل عليكم غضبي ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى فان الغضب هاهنا هو عين الألم فمن لا معرفه له ممن يدعى طريقتنا ويريد ان يأخذ الامر من التمثيل والمناسبة فيقول ان جهنم مخلوقه من القهر الإلهي وان اسم القاهر هو المتجلي لها ولو كان (1) الامر