والحمرة في الفحم والأرواح كامنة في الصور البرزخية كلها كمون الاشتعال والإنارة في الحرارة ففي النفخة الأولى زالت الصور الطبيعية بالإماتة كزوال هياه السواد والبرودة للفحم بحصول الحمرة والحرارة واستعدت الصور البرزخية لقبول الاستنارة بالأرواح استعداد الفحم المحمر المتسخن لقبول الاشتعال فإذا نفخ إسرافيل وهو المنشئ للأرواح في الصور نفخه ثانية تستنير بالأرواح البارزة القائمة بذاتها كما قال تعالى فإذا هم قيام ينظرون.
قال الشيخ العربي في الفتوحات المكية النفخة نفختان نفخه تطفئ النار ونفخة تشعلها فإذا تهيأت هذه الصور كانت فتيلة استعدادها لقبول الأرواح كاستعداد الحشيش بالنار التي كمنت فيه لقبول الاشتعال والصور البرزخية كالسرج مشتعلة بالأرواح التي فيها فينفخ إسرافيل نفخه واحده فتمر على تلك الصور فتطفيها وتمر النفخة التي تليها وهي الأخرى على الصور المستعدة للاشتعال وهي النشأة الأخرى فتشتعل بأرواحها فإذا هم قيام ينظرون فتقوم تلك الصور احياء ناطقة بما ينطقها الله فمن ناطق بالحمد لله ومن ناطق يقول من بعثنا من مرقدنا ومن ناطق بالحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا واليه النشور وكل ينطق بحسب حاله وما كان عليه ونسي حاله في البرزخ ويتخيل ان ذلك منام كما يتخيله المستيقظ وقد كان عند موته وانتقاله إلى البرزخ كالمستيقظ هناك وان الحياة الدنيا كانت له كالمنام وفي الآخرة يعتقد في امر الدنيا والبرزخ انه منام في منام.
وقال في موضع آخر منها بعد ذكر الناقور والصور وليعلم بعد ما قررناه ان الله تعالى إذا قبض الأرواح من هذه الأجسام الطبيعية والعنصرية أودعها صورا اخذها في مجموع هذا (1) القرن النوري فجميع ما يدركه الانسان بعد الموت في البرزخ من الأمور يدركها بعين الصورة التي (2) هو بها في القرن والنفخة نفختان نفخه تطفئ النار ونفخة