هذه لأنه يبصر الأشياء بنوع أفضل وارفع من هذا النوع وهذا البصر ولذلك صار ذلك البصر أقوى وأكثر نيلا للأشياء من هذا البصر لان ذلك البصر يبصر الكليات وهذا البصر يبصر الجزئيات لضعفه وانما صار ذلك البصر أقوى من هذا البصر لأنه يقع على أشياء أكرم وأشرف وأبين وأوضح من الأبدان فلذلك صار ذلك الحس وذلك البصر أقوى وأكثر معرفه وصار هذا البصر ضعيفا لأنه انما ينال أشياء خسيسه دنية وهي أصنام لتلك الأشياء العالية ونصف تلك الحسائس فأقول انها عقول ضعيفه ونصف تلك العقول فنقول انها حسائس قوية على ما وصفناه من أنه كيف يكون الحس في الانسان العالي انتهى كلامه.
وقال في موضع آخر من ذلك الكتاب فان كانت (1) النفس على هذه الصفة أي ان فيها كلمات الفواعل فلا محاله ان في النفس الانسانية كلمات فواعل تفعل الحياة والنطق وإذا صارت النفس الهيولانية أي الساكنة في الجسم على هذه الصفة قبل (2) ان يسكن فيه فهو انسان هناك لا محاله فإذا صارت في البدن صنم (3) انسانا آخر ونفسه على نحو ما يمكن ان يقبل ذلك الجسم من صنم الانسان الحق وكما أن المصور يصور صوره الانسان الجسماني في مادتها وفي بعض ما يمكنه ان يصور فيه ويحرص على أن يتقن تلك الصورة ويشبهها بصوره هذا الانسان على نحو ما يمكن ان يقبل العنصر الذي يصورها فيه فتكون تلك الصورة انما هي صنم لهذا الانسان الا انها أدون وانقص منه بكثير وذلك أنه ليس فيه كلم الانسان فواعل ولا حياته ولا حركته ولا حالاته ولا قواه فكذلك هذا الانسان الحسى انما هو صنم لذلك الانسان الأول الحق الا ان المصور هي النفس فقد حرصت ان يشبه هذا الانسان بالانسان الحق وذلك انها جعلت فيه صفات الانسان الأول الا انها جعلتها فيه ضعيفه قليله نذره وذلك أن قوى