إلى نعيم الجنة والخلاص من عذاب النار وان غلبت عليه القوة العقلية واستكملت بادراك العقليات المحضة والعلم باليقينيات الحقيقية من طريق البراهين والأسباب العقلية الدائمة فماله إلى عالم الصور الإلهية والمثل النورية والانخراط في سلك المقربين والقيام في صف الملائكة العليين بشرط ان يكون عقائده مشفوعة بالزهد الحقيقي خالصه عن اغراض النفس والهوى وعن مشتهيات الدنيا فارغة عن جميع ما يشغل سره عن الحق وذلك هو الفضل العظيم والمن الجسيم.
وليعلم ان الزهد الحقيقي والنية الخالصة عن شوب الاغراض النفسانية لا يمكن ان يتيسر الا للطائفة الأخيرة وهم العرفاء الكاملون دون الجهال الناسكين (1) مع أن الغرض الأصلي من النسك هو تخليص القلب عن الشواغل والتوجه التام إلى المبدء الأصلي والاشتياق إلى رضوان الله تعالى وليت شعري كيف يشتاق ويتوجه نحو المبدء الأول ودار كرامته من لا يعرفهما ولا يتصورهما.
فان قلت فيلزم الدور مما ذكرت لان الاشتياق والسلوك إليه تعالى يتوقف على العلم به والعلم به يتوقف على السلوك نحوه والاشتياق نحوه لان العلم هو الغاية القصوى قلت نعم العلم هو الأول والاخر والمبدء والمنتهى ولكن لا يلزم الدور المستحيل لتفاوت مراتب العلم بالقوة والضعف فالذي هو مبدء أصل العمل نحو من العلم الحاصل بالتصديق الظني أو الاعتقاد التقليدي لساكن النفس فان ذلك مما يصلح لان يصير مبدءا لعمل الخير والذي هو الغاية القصوى للعمل والسلوك على الصراط المستقيم هو نحو آخر من العلم وهو المشاهدة الحضورية والاتصال العلمي المسمى بالفناء في التوحيد عند الصوفية