والأشباح البرزخية جميعا فليس الحال كذلك في النفوس الناقصين والمتوسطين لأنها وان تجردت عن الحسية لم تتجرد عن المثالية وان أراد به التجرد عن الحسية دون المثالية فهو صحيح ولا فساد فيه كما سيجئ بيانه في باب المعاد واما قوله فكيف يحصل عن مثله هذا التصور المحدود وليست معه قوه التخيل فهو ممنوع لان الجوهر المفارق عن القوى الطبيعية دون المثالية وعن الحواس الظاهرة دون الباطنة له ادراكات جزئيه تخيلية وله قوه متخيلة منبعثة عن ذاته لما أشرنا سابقا ان للنفس في ذاتها سمعا وبصرا وقوه باطنية وتحريكية لكن قوه تحريكها وقوه ادراكها ترجع إلى امر واحد وكذا ترجع بعض ادراكاتها إلى بعض في الوجود الجمعي فترجع قدرتها (1) إلى ادراكها ويرجع تخيلها إلى بصرها الباطني بل هذه القوى الظاهرة كلها ظلال لما في جوهر النفس من الجهات والحيثيات الموجودة في ذاتها بوجود واحد جمعي وقد تفرقت وتكثرت وامتدت ظلالها في مادة البدن وتشكلت بأشكال الأعضاء والأدوات فلها في ذاتها عين باصرة واذن سامعة وذوق وشم ولمس وقوه فعليه من شانها تصوير الحقائق على الوجه الحضوري المشاهد لها على طبق ما يتصوره الان في هذا العالم فان المعرفة والتصور هاهنا بذر المشاهدة في العقبى والتفاوت بين التصور هاهنا والمشاهدة هناك يرجع إلى
(٣٨)