تصرفت فيه النفس بانفعالاتها وتغيراتها لم تكن لها تصرف فيه بوجه من الوجوه فلا اختصاص له بها دون سائر الأجسام وظاهر ان الجسم الفلكي يأبى عن تصرف متصرف فيه غير نفسه المحركة إياه حركه متشابهه متصلة على نعت الاستمرار على نهج واحد وإن كان موضوع ذلك التخيل جرما مركبا (1) دخانيا تحت كره الأثير وتحت فلك القمر المائل كما زعمه قوم آخر فهو أيضا غير صحيح لعدم اعتدال فيه يصلح لقبول النفس المدبرة له فإنه ان قرب (2) من النار أو من الفلك في حر النار فيحيله النار بسرعة إلى جوهرها أو تحيله سرعة حركه الفلك إلى جوهر النار وان بعد منها ويكون في حيز الهواء فاما ان يتخلخل به فيصعد بحر أو يتكاثف فينزل ببرد وليس فيه جرم محيط يغلب عليه من اليبس والصلابة ما يحفظه من التبرد ويحرسه عن ممازجة غيره به كما للجوهر الدماغي فينا ليتعين فيه محل التخيل متشكلا به ولا بد فيه من جوهر يابس لتنحفظ فيه الصور وجوهر رطب لتقبل.
ثم لما كانت النفوس المفارقة عن الأبدان الانسانية غير متناهية (3) لزم مما ذكروا من اجتماع المفارقات كلها على جسم من أجسام العالم فيلزم اما نهاية تلك الجواهر أو عدم نهاية ذلك وكلاهما محال.
والجواب ان التجرد الواقع في كلام المشكك ان أراد به التجرد عن الأجسام الحسية