والجواب ان اختصاص التعذيب التام والعقاب الشديد في نشأة لا يستلزم كونها أحسن النشئات فان النشأة التي يقع فيها العذاب الأليم للأشقياء والثواب العظيم للسعداء نشأة (1) ادراكية هي أصفى والطف من هذه النشأة الكثيفة وهي الدار الآخرة التي هي دار الحيوان وذلك لان الملذ والمؤذى في الحقيقة ليسا (2) من الأمور الخارجة عن الصور الادراكية الحاضرة عند النفس الواصلة إليها فكل مؤلم أو ملذ لنا ليس من المحسوسات الخارجة ولا يمكن ادراكه بهذا الحس الظاهري الدنيوي بل بالحواس الباطنة الأخروية وتلك الحواس هي التي بها يسمع ويبصر ويذوق ويشم ويلمس ما لا وجود له ونقول أيضا ان سكر الطبيعة وخدر النفس (3) في هذه الدار لأجل اشتغالها
(٣٤)