نقائصها وشرورها لا من حيث كمالاتها وخيراتها فإنها من حيث كمالاتها وخيراتها هي من الجنة فالنفس ما دامت في هذا العالم يدرك الموجودات العالمية بهذه الحواس البدنية وكلما يدرك بهذه الحواس تكون مخلوطة غير متميزة حقها من باطلها وصحيحها من فاسدها فيرى الشمس والقمر والنجوم والسماء والأرض على صوره مخلوطة مشتبهة فيزعم ان لها بقاء (1) وثباتا وان ضوء الشمس ونور القمر والكواكب بحسب الحقيقة على هذه الهيأة وانها ذاتية لتلك الأجرام قائمه بها لا بغيرها وان السماء والأرض كل منهما على هذه الهيأة التي يدركها الحس من البقاء والثبات والارتفاع والانخفاض والوضع والترتيب فإذا جاء يوم القيامة تبدلت هذه الأشياء غيرها وانفصل ما لها عما ليس لها وامتاز حقها من باطلها ونورها العرضي من ظلمتها الأصلية وخبيثها من الطيب كما قال تعالى وما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب الآية فصوره جهنم عبارة عن الحقيقة الأصلية لهذا العالم متميزة عما هو خارج عنها من الخيرات والكمالات فإذا قامت القيامة واستقر كل طائفة في دارها ورجع كل صوره إلى حقيقتها فيكون الحكم في أهل الجنة بحسب ما يعطيه الامر الإلهي في النشأة الآخرة ويكون الحكم في أهل النار بحسب ما يعطيه الامر الإلهي في مادة هذا العالم الذي أودع الله في حركات الأفلاك وفي الكواكب الثابتة والسبعة المطموسة أنوارها فهي كواكب لكنها مطموسة الأنوار في القيامة وكذا الشمس شمس لكنها منكسفة النور لان أنوارها مستفادة من مباديها الأصلية فهي بالحقيقة قائمه بتلك المبادئ لا بهذه الأجرام.
قال في الباب الستين من الفتوحات يقرب حكم النار من حكم (2) الدنيا فليس بعذاب خالص ولا بنعيم خالص ولهذا قال تعالى لا يموت فيها ولا يحيى وسبب ذلك