الأولى مع الثانية ليكون آفة وضررا (1) له كما للجوهر النفساني فان النفس جامعه لادراك أحد الضدين مع الاخر الذي كان ملائما لها فيتضرر بالآخر كما إذا ورد على عضو من بدنها ما يضاد الكيفية المزاجية فتدرك بالأولى وهي المعتدلة التي بها قوتها اللمسية الثانية المضادة لها فيحصل الألم ولا يمكن مثل ذلك في الجسم وصورته السارية فيه فتأمل وليس كل من دخل العذاب (2) والعقوبة معذبا معاقبا بل ربما كان مستعذبا كالسدنة والزبانية وكاهل السجون والأتونات وكذلك قوى الجوارح حيث جعلها الله محلا للانتقام من النفس التي كانت تحكم عليها وتسخرها بأمر الله فالآلام تختلف عليها بما تراه في ملكها وموضع تصرفها خلاف ما تطلبه وتحبه من جهة ما ينتقل إليها المدركات من المشاعر والحواس واما النفس الناطقة أعني الروح الإلهي محل الحكمة والمعرفة وهي سعيدة في الدنيا والآخرة لاحظ لها في الشقاء لأنها ليست من عالم الشقاء والشر الا ان الله ركبها هذا المركب الحيواني المسمى بالنفس الحيوانية فهي لها كالدابة وليس للناطقة الا المشي بها على الصراط المستقيم فان أجابت النفس الحيوانية لها فهي المركب الذلول المرتاض وان أبت فهي الدابة الجموح كلما أراد الراكب ان يردها إلى الطريق حرنت عليه وجمحت واخذت يمينا وشمالا لا افراطا وتفريطا لقوه رأسها وللراكب ان يروضها ويؤدبها حتى تتبدل ذاتها عما كانت ويصير طبعها موافقا لما أراد منها صاحبها واما النفس الحيوانية فالمعاصي وان نشأت بسببها الا انها لا ذنب (3) لها ولا معصية لان الافعال
(٣٧٠)