الأعمال السيئة عذب من وجه وإن كان عذابا من وجه آخر لأنه يشاهد المعذب (1) في تعذيبه فيكون عذابه سببا لشهود الحق وهو أعلى نعيم له وبالنسبة إلى المحجوبين الغافلين عن اللذات الحقيقية أيضا عذب من وجه كما جاء في الحديث ان أهل النار يتلاعبون فيها بالنار والملاعبة لا تنفك عن التلذذ وإن كان معذبا لعدم وجدانه ما آمن به من جنه الأعمال التي هي الحور والقصور وبالنسبة إلى قوم يطلب استعدادهم البعد من الحق والقرب من النار وهو المعنى بجهنم أيضا عذب وإن كان في نفس الامر عذابا كما يشاهد هنا ممن يقطع سواعدهم ويرمى أنفسهم من القلاع مثل بعض الملاحدة ولقد شاهدت رجلا سمر في أصول أصابع إحدى يديه مسامير غلظ كل منها كالقلم وكان يفتخر بذلك ولم يرض باخراجه وبقى على حاله إلى أن مات وبالنسبة إلى المنافقين الذين لهم استعداد الكمال واستعداد النقص وإن كان أليما لادراكهم الكمال وعدم امكان الوصول إليه لهم ولكن لما كان استعداد نقصهم أغلب رضوا بنقصانهم وزال عنهم تألمهم بعد انتقام المنتقم منهم بتعذيبهم وانقلب العذاب عذبا كما يشاهد ممن لا يرضى بأمر خسيس أولا ثم إذا وقع فيه وابتلى وتكرر صدوره منه تالف به واعتاد فصار يفتخر به بعد إن كان يستقبحه وبالنسبة إلى المشركين الذين يعبدون غير الله من الموجودات فينتقم منهم لكونهم حصروا الحق فيما عبدوه وجعلوا الاله المطلق مقيدا واما من حيث إن (2) معبودهم عين الوجود الحق
(٣٦١)