الا خيرا وكمالا ونعمه وبهجه فكان في نعمه وبهجه لا غاية فوقها ولا مزيد عليها إذ رأى رحمه الله وسعت كل شئ بل رأى في كل شئ وجه الحق الباقي ورأى الخير المحض الحسن المطلق الذي هو مبدء كل خير وكمال ومنشأ كل حسن وجمال فيكون مبتهجا به وبكل شئ لان كل شئ منه وبه واليه فيكون في جنه عرضها السماوات والأرض وبهذا الوجه يسمى خازن الجنة الرضوان لان من لم يبلغ إلى مقام الرضا لا يدخل الجنة ولا يصل إلى دار النعمة والكرامة فهذه جنه المقربين واما من لم يسلك سبيل أهل المعرفة والايمان ولم يخرج عن باب الدنيا وملازمة الهوى قد مات وكان لم يزل محبوسا في قيد الشهوات وسلسلة التعلقات ومن اتبع الهوى والشهوة وهما ضدا الحكمة والعدل وقامت السماوات والأرض بالحكمة والعدل ففسد عليه عالم الوجود كما هو وويل لمن فسد عليه العالم وخالف طبعه حكمه الكون ونظام الوجود فينتقم منه قيم العالم وجبار السماوات والأرض لأنه عدو الله وعدو العالم ويكون حاله كما أفصح الله بقوله ولو اتبع الحق أهوائهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن فيكون بالضرورة ممنوعا عما اشتهاه محجوبا عما استدعاه هواه كما قال تعالى وحيل بينهم وبين ما يشتهون لان ما يشتهيه (1) ويطلبه أمور باطله وهمية مخالفه للحكمة والحقيقة لكنه ما دام كونه في الدنيا يلهيه شواغل الدنيا عن الشعور بفسادها ومخالفتها للحكمة ومضادتها للفطرة لخدر الطبيعة وغفلة النفس فإذا ارتفع الحجاب بالموت وانكشف الغطاء ظهر انه واقع في عقوبة من سخط الله ونار غضبه أفمن اتبع رضوان الله كمن باء بسخط من الله وحيث اتبع الهوى أوقعه الهوى إلى الهاوية وهي البعد عن رحمه الله ممنوعا عن الخيرات مقيدا بالسلاسل والاغلال كما هو صفه العبيد والمماليك لأنه عبد الهوى وخدم الشهوة
(٣٤٤)