نسبوا إليه الألوهية فصح بقاء التوحيد لله الذي أقروا به في الميثاق وان الفطرة مستصحبة.
أقول وهذه عباده ذاتية وقد سبق منا القول بان جميع الحركات الطبيعية والانتقالات في ذوات الطبائع والنفوس إلى الله وبالله وفي سبيل الله والانسان بحسب فطرته داخل في السالكين إليه واما بحسب اختياره وهواه فإن كان من أهل السعادة فيزيد على قربه قربا وعلى سلوكه الجبلي سعيا وامعانا وهرولة وإن كان من الكفار الناقصين المختوم على قلوبهم الصم البكم الذين لا يعقلون فهو كالدواب والبهائم لا يفقه شيئا الا الاغراض الحيوانية وانما الغرض في وجوده حراسه الدنيا وعمارة الأبدان وما له في الآخرة من خلاق فله المشي في مراتع الدواب والسباع فيحشر كحشرها ويعذب كعذابها ويحاسب كحسابها وينعم كنعيمها وإن كان من أهل النفاق المردودين عن الفطرة الخاصة المطرودين عن سماء الرحمة فيكون عذابه أليما لانحرافه عما فطر عليه وهوية إلى الهاوية بما كسبت يداه فبقدر خروجه عن الفطرة ونزوله في مهاوي الجحيم يكون عذابه الأليم الا ان الرحمة واسعه والآلام داله على وجود جوهر اصلى يضاد الهيئات الحيوانية الردية والتقاوم بين المتضادين ليس بدائم ولا بأكثري كما حقق في مقامه فلا محاله يؤول اما إلى بطلان أحدهما أو إلى الخلاص ولكن الجوهر النفساني من الانسان لا يقبل الفساد فاما ان يزول الهيئات الردية بزوال أسبابها فيعود إلى الفطرة ويدخل الجنة ان لم تكن الهيئات من باب الاعتقادات كالشرك والا فتنقلب إلى فطره أخرى ويخلص من الألم والعذاب وهذا هو المراد من مذهب الحكماء ان عذاب الجهل المركب ابدى يعنى صاحب الاعتقاد الفاسد الراسخ في جهله وعتوه (1) لا يمكن عوده إلى الفطرة الأصلية فيصير من الهالكين المائتين عن هذه النشأة وعن الحياة العقلية ولا ينافي ذلك كونه حيا بحياة أخرى نازلة دنية