عباد مخلوقون أصحاب أهواء وأغراض ولا شك انه ارحم بخلقه منا وقد قال عن نفسه إنه أرحم الراحمين فلا نشك انه ارحم بخلقه منا ونحن عرفنا من نفوسنا هذه المبالغة انتهى كلامه.
ولك ان تقول وقد قام الدليل العقلي على أن الباري سبحانه لا ينفعه الطاعات ولا يضره المخالفات وان كل شئ جار بقضائه وقدره وان الخلق مجبورون في اختيارهم فكيف تسرمد العذاب عليهم وجاء في الحديث وآخر من يشفع هو ارحم الراحمين فالآيات الواردة في حقهم بالتعذيب كلها حق وصدق وكلام أهل المكاشفة لا ينافيها لان كون الشئ عذابا من وجه لا ينافي كونها رحمه من وجه آخر فسبحان من اتسعت رحمته لأوليائه في شده نقمته في الدنيا واشتدت نقمته لأعدائه في سعة رحمته لهم في الآخرة.
نقل فيه تأكيد قال في الفتوحات المكية ان الحق لما تجلى لهم في اخذ الميثاق تجلى لهم في مظهر (1) من المظاهر الإلهية فذلك الذي أجرأهم على أن يعبدوه في الصور ومن قوه بقائهم على الفطرة انهم ما عبدوها على الحقيقة وانما عبدوا الصور لما تخيلوا فيها من رتبه التقرب والشفاعة كما حكى الله من قولهم ما نعبدهم الا ليقربونا إلى الله زلفى وقولهم هؤلاء شفعاؤنا عند الله وهاتان الجهتان إليهما مال الخلق في الدار الآخرة