قلنا نعم ولكن من حيث الصورة لا من حيث المادة وتمام كل شئ (1) بصورته لا بمادته ألا ترى ان البدن الشخصي للانسان في هذا العالم باق من أول عمره إلى آخره بشخصه لكن لا من حيث مادته لأنها ابدا في التحول والانتقال والتبدل والزوال بل من حيث صورته النفسانية التي بها تحفظ هويته ووجوده وتشخصه وكذا الكلام في كل عضو من أعضائه مع تبدل المقادير والاشكال والهيئات العارضة والكيفيات اللاحقة فالعبرة في حشر بدن الانسان بقاؤه بعينه من حيث صورته وذاته مع مادة مبهمة لا من حيث مادته المعينة لتبدلها في كل حين فكما ان جهة الوحدة والتشخص في بدن شخص واحد من حد الصبا إلى حد الشيخوخة مع تبدل كثير من الصفات بل كثير من الأعضاء والآلات هي النفس ومرتبة مبهمة من المادة غاية الابهام ولهذا لا يقال لمن جنى في الشباب وعوقب في المشيب انه غير الجاني فكذلك جهة الوحدة في البدن الدنياوي والبدن الأخروي هي النفس (2) وضرب من المادة المبهمة فلذلك تثاب النفس وتعاقب باللذات والآلام لأجل ما صدر عنها من الأعمال والافعال البدنية بهذه الجوارح والأعضاء مع تبديلها في الآخرة إلى نوع آخر.
(٣٢)