بالولادة فتدبر نشأة بدنه في (1) الأرض زمان كونه في البرزخ تسويه وتعدله على غير مثال سبق مما ينبغي للدار الآخرة.
وقال في الباب الرابع والسبعين وثلاثمأة واعلم أن الحق لم يزل في الدنيا متجليا للقلوب فيتنوع الخواطر لتجليه وان تنوع الخواطر في الانسان عين التجلي الإلهي من حيث لا يشعر بذلك الا أهل الله كما أنهم يعلمون ان اختلاف الصور الظاهرة في الدنيا والآخرة في جميع الموجودات ليس غير تنوع التجلي فهو الظاهر إذ هو (2) عين كل شئ وفي الآخرة يكون باطن الانسان ثابتا فإنه عين ظاهر صورته (3) في الدنيا والتبدل فيه خفى وهو خلقه الجديد في كل آن الذي هم فيه في لبس وفي الآخرة يكون ظاهره مثل باطنه في الدنيا ويكون التجلي الإلهي دائما بالفعل فيتنوع ظاهره في الآخرة كما يتنوع باطنه في الدنيا في الصور التي يكون فيها التجلي الإلهي ينصبغ بها انصباغا فذلك هو التضاهي (4) الإلهي الخيالي غير أنه في الآخرة ظاهر وفي الدنيا باطن فحكم الخيال مستصحب للانسان في الآخرة انتهى.
واعلم أنه قد اتفق في هذا العالم لبعض الكاملين كالأنبياء والأولياء أو لغيرهم من الكهنة والمجانين والمبرسمين فمن قويت قوه خياله أو ضعفت قوه حسه ان يرى بعين الخيال شيئا مشاهدا محسوسا كما يشاهد سائر المحسوسات فكثيرا ما يشتبه عليه الامر ويزعم أن ما رآه موجود في الخارج فيغلط وجميع ما يراه الانسان يوم القيامة يراه بعين الخيال وهي موجودة في تلك الدار معتبره باقية فيها لأنها موطن تلك الصور وانما لم يعتبر وجود ما يرى بعين الخيال هاهنا من المقامات وغيرها لعدم بقائها ووقوع الحجاب عنها بعد أقصر مده فلا تعويل عليها هاهنا لزوالها عن المشاهدة سريعا إذ ليس هذا العالم