مثله لا عينه فادراكه ليس بالمعنى الجزئي ثم قد نرى هذه الحيوانات مع اشتراكها في الحيوانية مختلفه في قربها إلى العالم الانساني وبعدها حتى أن بعضها في غاية القرب من أفق الانسان كالقرد المحاكي له في الافعال والطوطي المحاكي له في الأقوال ففي بعضها ضرب من القوة العملية القريبة من العقل العملي وفي بعضها ضرب من القوة العملية القريبة من العقل النظري ثم إن عجائب أحوال بعض الحيوانات وملكاتها كتكبر الأسد وحقد الجمل وهندسة النحل (1) وسماع الإبل المنسى له مشتهياته يشهد بان لها نفوسا غير منطبعة ينبغي ان يرتقى إلى الانسانية وبالجملة نراها بحسب غرائزها متوجهه نحو كمال مترقية إلى غاية فإن كان ارتفاعا إلى غاية فإلى الانسانية ثم إلى الملكية وان لم يكن لها في توجهها الغريزي غاية فغير لائق بالجود الإلهي منع المستحق عن كماله.
فالجواب ان لكل نوع من الحيوانات بل النباتات ملكا هاديا له إلى خصائص أفعاله وكماله متصلا به ضربا من الاتصال وهو الذي سماه الفرس رب الصنم ونحن قد أوضحنا سبيل اثبات الصور المفارقة للطبائع المادية وان لكل نوع من أنواع الأجسام الطبيعية جوهرا مقوما لوجوده أصلا لافراد ماهيته ذا عناية بها واختلافها في الشرف والخسة لأجل اختلاف مبادئها المفارقة النورية في شده نوريتها وضعفها وقربها وبعدها من نور الأنوار واما على طريقه المشائيين فغرائب ادراكات بعض الحيوانات وتفنن حركاتها انما تكون بمعاونة قوى طبيعية فلكية والهامات سماوية ويجوز ان تصدر عن قوة جرمية بمناسبات مزاجية حركات ادراكية كحال الإبل في تلذذه بالسمعيات.