وتيرة واحده ودرجه واحده كالوجود ليس على نحو واحد فالوحدة الشخصية في المقادير المتصلة عين متصليتها وامتدادها وفي الزمان والمتدرجات الوجود عين تجددها وتقضيها وفي العدد عين كثرتها بالفعل وفي الأجسام الطبيعية عين كثرتها بالقوة وأيضا حكمها في الجواهر المجردة غير حكمها في الجواهر المادية فالجسم الواحد يستحيل ان يكون موضوعا لأوصاف متضادة كالسواد والبياض والحلاوة والمرارة والألم واللذة وذلك لنقص وجوده وضيق وعائه عن الجمع بين الأمور المتخالفة فموضع البصر في بدن الانسان غير موضع السمع وموضع الشم غير موضع الذوق واما الجوهر النفساني فإنه مع وحدته يوجد فيه صوره السواد والبياض وغيرهما من المتقابلات وكلما زاد الانسان تجردا وتجوهرا واشتد قوه وكمالا صار احاطته بالأشياء أكثر وجمعيته للمتخالفات أتم فهو يتدرج في الكمال حتى يستوفى في نفسه أي ذاته هياه الوجود كله فينقلب كما ذكره الشيخ في إلهيات الشفاء عالما معقولا موازيا للعالم المحسوس كله مشاهدا لما هو الحسن المطلق والخير المطلق والجمال المطلق ومتحدة به ومنتقشة بمثاله ومنخرطة في سلكه وصائرة من جوهره ومما يبين ذلك ويوضحه ان المدرك بجميع الادراكات الحسية والخيالية والعقلية والفاعل بجميع الأفاعيل الطبيعية والحيوانية والانسانية الواقعة من الانسان هو نفسه المدبرة فلها النزول إلى مرتبه الحواس والآلات الطبيعية ولها لصعود (1) إلى مرتبه
(١٨٩)