وكذلك حكم الصور المعقولة في أن وجودها في نفسها ومعقوليتها ووجودها للجوهر العاقل كلها شئ واحد بلا اختلاف جهة ولذلك قال تعالى ان الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون معناه ان الحياة ذاتية لتلك الأجسام بخلاف أجسام الدنيا وأبدانها فإنها في ذواتها ميته الجواهر مظلمة الذوات مجهوله الأكوان في أنفسها الا بصور ادراكية زائدة عليها وان الحياة وارده عليها من خارج وقد علمت أيضا منا في مباحث العقل والمعقول من الفن الكلى من الحكمة ان الصورة العقلية متحدة بالعاقل وكذلك الصورة المحسوسة متحدة بالحاس فالأبدان الأخروية عين النفوس بخلاف هذه الأبدان الدنيوية.
ووجه آخر في الموافقة ان نحو وجود السعداء وأهل الجنة ارفع وأعلى من نحو وجود الأشقياء وأصحاب النار والكاملون المقربون أعلى وارفع منها جميعا فالتجرد لقوم والتجسم لقوم آخرين وهاهنا أوان الشروع في ما وعدناه من تحقيق المعاد الجسماني وبعث الأبدان وما ينوط بذلك من أحوال الآخرة بمقدمات يقينية وأصول برهانية تناسب أهل البحث فلنشرع فيه مستعينا بالله وملكوته