العقل الفعال وما فوقه في آن واحد وذلك لسعه وجودها ووفور نورها المنتشره في الأطراف والأكناف فذاتها تتطور بالشؤون والأطوار وتتنزل بأمر الله إلى منازل القوى والأعضاء فإذا نزلت بساحة المواد والأجساد كان حكمها حكم القوى وإذا رجعت إلى ذاتها وحاق جوهرها وذلك عند تمامها كانت الكل في وحده فمن هذا الأصل يتبين ان شيئا واحدا يجوز كونه متعلقا بالمادة تارة ومجردا عنها أخرى واما ما اشتهر (1) عند اتباع المشائيين ان نحوي الوجود الرابطي والاستقلالي لا يجتمعان في شئ واحد فهو غير مبرهن عليه الا ان يراد في وقت واحد من جهة واحده الأصل السابع ان هوية البدن وتشخصه انما يكونان بنفسه لا بجرمه فزيد مثلا زيد بنفسه (2) لا بجسده ولأجل ذلك يستمر وجوده وتشخصه ما دامت النفس باقيه فيه وان تبدلت اجزاؤه وتحولت لوازمه من أينه وكمه وكيفه ووضعه ومتاه كما في طول عمره وكذا القياس لو تبدلت صورته الطبيعية بصوره مثالية كما في المنام وفي عالم القبر والبرزخ إلى يوم البعث أو بصوره أخروية كما في الآخرة فان الهوية الانسانية في جميع هذه التحولات والتقلبات واحده هي هي بعينها لأنها واقعه على سبيل الاتصال الوحداني التدريجي ولا عبره بخصوصيات جوهرية وحدود وجودية واقعه في طريق هذه حركه الجوهرية وانما العبرة بما يستمر ويبقى وهي النفس لأنها الصورة التمامية في الانسان التي هي أصل هويته وذاته ومجمع ماهيته وحقيقته ومنبع قواه وآلاته ومبدء ابعاضه وأعضائه وحافظها ما دام الكون الطبيعي ثم مبدلها على التدريج بأعضاء روحانية وهكذا إلى أن تصير بسيطه عقلية إذا بلغت إلى كمالها العقلي بتقدير رباني وجذبه إلهية والا
(١٩٠)