لا من أصل محال فينكرون حدوث عالم آخر واشكال وصور فيها ولم يعلموا ان وجود الأكوان الأخروية انما هو من باب الانشاء بمجرد الجهات الفاعلية لا من باب التخليق من أصل مادي وجهات قابلية فالله تعالى بينه على أن شانه الأصلي في الفاعلية هو الابداع والانشاء لا التكوين والتخليق من مادة وكذلك خلق السماوات والأرض وأصول الأكوان فان وجودها لم يخلق من مادة أخرى بل أوجدها على سنه الاختراع والانشاء وهكذا يكون انشاء الجنة والنار والأجسام الموعودة في الآخرة فيندفع اشكال المنكرين للدار الآخرة انها في أي (1) مادة توجد وفي أي قطر وجهه وأين مكانها ومتى زمانها ووقت قيامها يطلبون للآخرة مكانا خاصا ويسئلون عن الساعة إيان مرساها أي في أي مكان من أمكنه هذه الأجسام ويقولون متى هذا الوعد ان كنتم صادقين أي في أي زمان معين من أزمنة الدنيا ولم يعلموا ان مكان الآخرة وزمانها ليس من جنس مكان الدنيا وزمانها ولا ان وجودها وايجادها ليس كوجود الأكوان الدنيوية وايجادها فلها نشأة أقوى حاصل من الانشاء ولهذه خلقه حاصله من التخليق وهذا أيضا منهج دقيق شريف وحمل الآيات القرآنية على ما هو أشرف واحكم أولى فالغرض من هذه الآيات التي أشير فيها إلى هذا المنهج ان ابداع الصور وانشائها من غير مادة سابقه انسب وأقرب إلى العلة الأولى وأهون (2) عليها من تركيب المواد وجمع اجزائها ومتفرقاتها لان أمرها كلمح البصر أو هو أقرب كما قال وما امر الساعة الا كلمح البصر وقوله وما أمرنا الا واحده كملح بالبصر فإذا كان الأليق والأحرى بمبدع البدائع ومكون الصنائع انشاء الصور وابداعها من غير مادة من تخليقها من مزاج وامتزاج وتركيبها من اجزاء مختلفه حاصل بازدواج ففعله الخاص الذي هو الابداع والانشاء أشرف وارفع من جمع متفرقات وتركيب مختلفات فان هذا شان القوى والطبائع التي هي في الدرجة الأدنى من القصور في الفاعلية والتأثير فإذا صدر منه تعالى وجود الانسان على نهج الامتزاج والتركيب من
(١٦١)