التناسخ وأليس صار هذا الجرم الدخاني حيوانا غير انسان تعلقت به نفس انسانية فصار هذا الانسان منسلخا عن انسانيته إلى حيوان آخر وذلك لان شرط الانسانية ان يكون له قوه ادراك المعقولات اما بالفعل أو بالاستعداد القريب أو البعيد له وليس فيه شئ منها إذ قد بطل استعداده الأول بالموت من غير أن تصير عقلا بالفعل ثم لو فرض كونه ذا قوه تعقل المعقولات لكان انسانا آخر فعلى أي وجه يلزم التناسخ وهو مع بطلانه في نفسه كما مر قد أحاله الشيخ وغيره من توابع المشائيين وهذا اللزوم لا يدفع بمجرد قوله تستعمله من غير أن تصير نفسا لها إذ لا معنى للنفس الا الجوهر الادراكي المستعمل لجرم حيواني ذي حياه بالقوة موضوع لادراكاته سيما على ما ذهبوا إليه من انطباع صوره المحسوسات والمتخيلات في الأجرام التي هي آله لها وبالجملة هذا مذهب ردى وقول فاسد ألجأهم إلى القول به عدم علمهم بتجرد النفس الخيالية ومدركاتها عن المواد الطبيعية والعجب من الشيخ أبى على أيضا انه ذكر في هذا الكلام المنقول ان السعداء الحقيقيين يتلذذون باتصال ذواتهم بعضهم ببعض اتصالا عقليا كاتصال معقول بمعقول مع أنه لم يحصل معنى الاتصال العقلي والاتحاد الذاتي بين العاقل والمعقول ولم يقدر على اثباته بل أنكره في أكثر كتبه غاية الانكار وشنع على القائل به كفرفوريوس ومتابعيه غاية التشنيع.
ثم قال في أواخر إلهيات الشفاء وفي الرسالة الأضحوية ان الصور الخيالية ليست تضعف عن الحسية بل تزداد عليها تأثيرا وصفاء كما نشاهد في المنام وربما كان المحلوم به أعظم شانا في بابه من المحسوس على أن الأخروي أشد استقرارا من الموجود في المنام بحسب قلة العوائق وتجرد النفس وصفاء القابل وليست الصور التي ترى في المنام بل والتي تحس في اليقظة كما علمت الا المرتسم في النفس الا ان (1) إحداهما تبتدي من