السعادة عند فراغها عن شواغل البدن قدرا يعتد به وخصوصا إذا أحكمت المسائل وأتقنت العلوم والمعارف على أتم وجه وأبلغه كما وقع للراسخين في العلم وأقل المراتب في اكتساب العلم التي يستحق بها الانسان لهذه السعادة الحقيقة على وجه الظن (1) والتقريب لا على وجه النصوصية والتحديد ان يكتسب هاهنا العلم بالمبدء الاعلى والوجود الذي (2) يليق به ويخصه ويعرف أيضا علمه بجميع الأشياء على وجه لا يلزم (3) منه انفعال وقدرته على جميع المقدورات على وجه لا يوجب تغيرا ولا تكثرا في ذاته ويعرف عنايته بالأشياء الخالية عن الالتفات بغيره وعود الغرض إلى ذاته ويعرف سعة رحمته وجوده وسائر صفاته الحقيقية على وجه لا يزيد شئ منها على ذاته الا الإضافات فإنها زائدة لكن بشرط ان يعرف ان هذه الإضافات كالقادرية والعالمية والرازقية والمبدئية وغيرها كلها اضافه واحده بسيطه في الوجود وان اختلفت أساميها باختلاف الاعتبارات فكما ان جميع صفاته الحقيقية راجعه إلى الوجود المتأكد فكذلك جميع صفات الإضافية راجعه إلى الموجدية التامة كما سبق ويعرف العقول (4) الفعالة التي هي كلمات الله التامات التي لا تبيد ولا تنفذ وملائكته العلمية ويعرف النفوس الكلية التي هي كتبه وملائكته العملية ويعرف ترتيب النظام في البداية والعود وان الوجود مترتب من الأول تعالى إلى العقل ومنه إلى النفوس ومنها إلى الطبائع حتى تنتهي إلى المواد والأجسام ثم يترتب منها صاعدا إلى المعادن ثم النبات ثم
(١٣٠)