المتنزلة إليه وللنفس بحسب ذاتها العقلية الوصول إلى العقليات الصرفة وصيرورتها موضوعه للصور الإلهية ونظام الوجود وهياه الكل من لدن الحق الأول إلى أدنى الوجود.
واما كمال (1) النفس وسعادتها بحسب مشاركه البدن ووقوعها في هذا العالم ودار البدن فبحصول العدالة بصدور أفعال سائقه إليها محصله إياها وهي ان تتوسط بين الأخلاق المتضادة فيما تشتهى ولا تشتهى وتغضب ولا تغضب لئلا تنفعل عن البدن وقواه فان المتوسط بين الأضداد بمنزله الخالي عنها فان الخلو المحض والبرائة الصرفة عن آثار هذه القوى غير ممكنة للنفس ما دامت في هذا الكون الدنياوي لكن التوسط بينها بمنزله الخلوص عنها حتى لا تنفعل عنها ولا تذعنها بل تحصل لها هياه استعلائية على القوى فتخدمها وتأتمر بأمرها وتنزجر بزجرها وتطيعها في جميع ما تأتي وتذر وتأتمر وتنزجر فان اذعان النفس للبدن وقواه وانفعالها عنها من موجبات شقاوتها والحرمان عن سعادتها فان ارتباط الذي بين النفس والبدن يوجب أولا انفعال كل منهما عن صاحبه فتارة تحمل على البدن فتقهره تأييدا من الله وملكوته وتارة تسلم للبدن وتنقهر عن قواه باغواء الشيطان بوساطة تلبيس الوهم وتزيينه المشتهيات الحيوانية فإذا تكرر تسليمها له انفعلت عنه انفعالا قويا وحدثت فيها هياه انقيادية وعاده ردية حتى أنه يعسر عليها بعد ذلك ما كان لا يعسر قبل ذلك من دفع مفاسده وكف أذاه وإذا تكرر قمعها له واستعلاؤها عن انقياده حدثت فيها هياه استعلائية يسهل بها على النفس ما لم يكن يسهل من قبل وهذه القوة الاستعلائية انما تحصل بان تفعل الافعال التي لا بد لها من فعلها ما دامت في البدن على وجه التوسط الخالي عن الافراط والتفريط كما أن هياه الخضوع والدنائة انما تحصل بوقوع الافعال منها في الأطراف كالغلو والتقصير فان الأطراف مؤثرات والأوساط بخلافها فإنها في حكم اللا مؤثر فأفعال التوسط بمنزله ترك