فيكون مجرد المعرفة باللذيذ العقلي سبب الوصول إليه والالتذاذ به عند رفع المانع وهو الاشتغال بالبدن وقد انقطع بالموت وهذا بخلاف الشعور بالمحسوسات اللذيذة فإنه غير كاف للوصول إليها والاحساس بها لامكان الحجب الجسمانية بين الحواس ومحسوساتها اللذيذة والسبب فيه ضيق وجودها وضعف حصولها وفقد بعض اجزائها عن بعض وغيبته عنه فلا حضور للجسم عند نفسه ولا عند شئ آخر فكذا الجسماني القائم به من الصفات والاعراض ولهذا ليس للأجسام بما هي أجسام حياه ولا شعور واما الأجسام الحية فليس كونها جسما هو كونها حية انما الحياة لها بسبب كون آخر يطرء عليها بسبب حي بالذات هو نفسها الحيوانية ولو كان وجود الجسم حياه له كان وجود كل جسم حياه له وليس كذلك واما ما ليس بجسم وإن كان ذا تعلق به فليس يمتنع بان يكون وجوده بعينه حياته كالواجب تعالى والعقول والنفوس الفلكية والانسانية والحيوانية وليست الحياة ما به يكون الشئ حيا غير نفس وجوده فإنه من المستحيل ان يصير الشئ بهذا الوجود ذا هذا الوجود بل حياه الشئ حييته كما هو طريقتنا في باب الوجود وكذا المضاف والأين والاتصال في الصورة الجسمية والنفسية في النفس والنورية في المفارقات والتقدم والتأخر الزمانيتين في الأكوان المتجددة.
والغرض من ايراد هذا الكلام هاهنا ان يعلم أن الوجود الجسماني يصحبها الموت والغفلة والهجران والفوت سواء كان هذا الوجود من طرف المدرك المشتاق أو في طرف المشتاق إليه لما فيه من قلة الحضور والوجدان وبقدر تعلق الشئ سواء كان مدركا أو مدركا كان الحضور أقل والادراك انقص حتى أن شعورنا بذواتنا حين فارقنا البدن كان أشد لان حضورنا لنا أتم وأوكد وأكثر الخلق لاستغراقهم بأبدانهم المادية وشواغلها نسوا أنفسهم كما قال تعالى نسوا الله فأنساهم أنفسهم وذلك لأنهم لا يشعرون بذواتهم مع هذه العلاقة الشديدة الا مخلوطا (1) بالشعور بأبدانهم لان