الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٥ - الصفحة ١١٥
فلما ظهر بالبراهين القطعية ان له نفسا غير مخالطه بجسمه واما النبات فلما مر من أن القوة المتجددة في الأمور الطبيعية متصلة بما فوقها (1) من قوه ثابته غير متجددة وقد سبق (2) أيضا ان المادة المقدارية داخله في هوية ما له صوره طبيعة كامله على سبيل (3) الابهام فلا يقدح تبدلها في استمرار هوية شخصية.
ومنها انه لما لم يظفر باثبات تجرد القوة الخيالية للانسان صار متحيرا في بقاء النفوس الساذجة الانسانية بعد البدن فاضطر تارة إلى القول ببطلانها كما في بعض رسائله المسمى بالمجالس السبعة على أنه معترف بان الجوهر الغير الجرمي لا يبطل ببطلان الجسد وتارة إلى القول بأنها باقية من جهة ادراكها ببعض الأوليات والعمومات وكل من له قدم راسخ في الفلسفة يعلم أن النشأة الآخرة نشأة ادراكية علمية والنفوس العقلية قوامها بادراك العقليات والشئ لا يمكن ان يوجد بالمعنى العام ما لم يتعين ولم يتذوت وأي سعادة (4) للنفس في ادراك الشئ والممكن العام أو الخاص أو بادراك ان الكل أكثر من جزئه أو بان المساوي للمساوي مساو وما يجرى مجرى هذه وكما أن في هذا العالم لا يمكن وجود امر بمجرد كونه جوهرا مطلقا أو كيفا مطلقا ما لم يتحصل نوعا مخصوصا له صوره مخصوصة فكذا لا يوجد شئ في العالم العقلي بان (5) يكون أحد موجودات ذلك العالم بمجرد كونه شيئا ما أو ممكنا ما أو جوهرا ما لم يصر ذاتا عقلية مخصوصة

(1) واما فوق القوة المتجددة هو الذي تعين بتنوع الأمور الطبيعية وفي وجه هو الله هو المقوم للزمان كما يقتضيه قاطع البرهان فافهم إن شاء الله المستعان ن ره (2) متعلق بما سبق من الشيخ ان الصورة الواحدة معينه لمادة واحده س ره (3) متعلق بقوله داخله عند هذا يلزم استمرار الشخص على نعت الاتصال الغير القار وهذا ضرب من الثبات والبقاء وبقاء قاطبة الزمانيات هو هذا وكن من الشاكرين س ره (4) لعل مراد الشيخ فعليتها بجميع البديهيات التصورية والتصديقية الست المشهورة والأوليات تطلق على أوائل المعقولات كما تطلق الثواني على النظريات المكتسبة س ره (5) لا يذهبن عليك ان الشئ بحسب الوجود العقلي ما لم يصر جوهريا لم يكن له قوام في النشأة العقلية وحصول هذا القوام يتقرر بالفصول المتنوعة المكملة الكاملة الجوهرية العقلية ووجود الأوليات تصوريا كان أو تصديقيا في المثل بمثابة وجود الحرارة في الفحم وحصول الحقائق النظرية للنفس بمنزله صيرورة الفحم بالاستحاله نارا النفس كذا لنفس الساذجة بالفحم كذا وصيرورتها عقلا بالفعل بصيرورة الفحم نارا صرفه وكما لا يصير الفحم بمجرد حصول الحرارة فيه نارية وطبيعة نارية فكذلك لا تصير النفس الانسانية بمجرد حصول الأوليات شيئا عقليا بل الخيالي خيالا بالفعل في غاية الكمال في الوجود الخيالي وعقل بالقوة القريبة من الفعل في الوجود العقلي ولم يصر بعد متقررا في العالم العقلي فأحسن التأمل ن ره
(١١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 ... » »»
الفهرست