الربانية والتدبر في الآيات السبحانية بدعه ومخالفه أوضاع جماهير الخلق من الهمج الرعاع ضلاله وخدعه كأنهم الحنابلة من كتب الحديث المتشابه عندهم الواجب والممكن والقديم والحديث لم يتعد نظرهم عن طور الأجسام ومساميرها ولم يرتق فكرهم عن هذه الهياكل المظلمة ودياجيرها فحرموا لمعاداتهم العلم و العرفان ورفضهم بالكلية طريق الحكمة والايقان عن العلوم المقدسة الإلهية والاسرار الشريفة الربانية التي رمزت الأنبياء والأولياء عليها وأشارت الحكماء والعرفاء إليها فأصبح الجهل باهر الريات ظاهر الآيات فأعدموا العلم وفضله واسترذلوا العرفان وأهله وانصرفوا عن الحكمة زاهدين ومنعوها معاندين ينفرون الطباع عن الحكماء ويطرحون العلماء العرفاء والأصفياء وكل من كان في بحر الجهل و الحمق أولج وعن ضياء المعقول والمنقول اسرج كان إلى أوج القبول والاقبال أوصل وعند أرباب الزمان اعلم وأفضل كم عالم لم يلج بالقرع باب منى وجاهل قبل قرع الباب قد ولجا.
وكيف ورؤساؤهم قوم اعزل من صلاح الفضل والسداد عارية مناكبهم عن لباس العقل والرشاد صدورهم عن حلى الآداب اعطال ووجوههم عن سمات الخير اغفال فلما رأيت الحال على هذا المنوال من خلو الديار عمن يعرف قدر الاسرار وعلوم الأحرار وانه قد اندرس العلم واسراره وانطمس الحق وأنواره وضاعت السير العادلة وشاعت الآراء الباطلة ولقد أصبح عين ماء الحيوان غائرة وظلت تجاره أهلها بائرة وآبت وجوههم بعد نضارتها باسرة (1) وآلت حال صفقتهم خائبة خاسرة ضربت عن أبناء الزمان صفحا (2) وطويت عنهم كشحا (3) فالجاني خمود الفطنة وجمود الطبيعة لمعاداة الزمان وعدم مساعده الدوران إلى أن انزويت في بعض نواحي الديار واستترت بالخمول والانكسار منقطع الآمال منكسر البال متوفرا على فرض اؤديه وتفريط في جنب الله أسعى في تلافيه